فالذنب ليس ذنب الشهرستاني ، إنّما هو موروث ثقافة ومناهج لا يمكن تغييرها بين ليلة وضحاها ; إذ التغيير يستدعي قراءة ومراجعة واستنطاق الاُصول بعمليّة نسقية عمليّة مقترنة بالحفر والبعثرة والمقارنة والاستقراء والتحليل ، الأمر الذي يعني ـ مثلاً ـ الحصول على نتائج تكشف حدود وصلاحيّات واختيارات الأفراد بشتّى صنوفهم ورتبهم ، وتبيّن أنّ الفهم البراغماتي النفعي لماهيّة المعصوم عليه السلام عند الشيعة الإماميّة ـ نعني به فهم شريحة صغيرة من شرائح علماء الشيعة الذين عملوا بالقياس الباطل فاستفادوا منه في تسرية خيارات المعصوم إلى غيره ـ هو الذي أرسى قواعد الثقافة المشار إليها والتي يعدّ السيّد الشهرستاني ـ مورد بحثنا ـ رشحاً من رواشحها .. أمّا عموم الناس فهم مأخوذون بالتعبّد وقبول الأمر الواقع ، حيث الغالب منهم يمنح رجال الدين الثقة في اُمورهم الشرعيّة وغيرها ، رغم انعقاد الإجماع في المدوّنات الفقهيّة على حرمة الولوج إلى حريم خيارات الإمام المعصوم وحرمة العمل بالقياس المعروف دون منصوص العلّة ومفهوم الأولويّة ، لكن هذا الرفض نظريٌّ لدى بعضهم ، وإلاّ فهو لا ينسجم مع الذين يجدون في التصرّف بخيارات المعصوم سبيلهم الوحيد لتحقيق المقاصد والغايات.
لذا نحن لا نوجّه اللوم إلى شخص السيّد الشهرستاني ، بل نلوم نوعَ ثقافة سرت في جسد الأُمّة واخترقت عقلها وأحاسيسها ، ثقافة مخالفة لعقيدة المذهب الإثني عشري وقيمه ومفاهيمه التي تميّز الإمام المعصوم ولا تمنح خياراته الخاصّة به لغيره ; من باب أنّ منح هذه الخيارات خارج