الواقع الثقافي والحضاري لكلّ الاُمم والشعوب ، وهي تدعونا أن نكون كما ينبغي أن يكون أيّ عقلاني يروم تسويغ ما عنده من الرؤى والبصائر دفاعاً عنها وإسناداً لها وتمهيداً لتوسيع رقعة تواجدها الفكري بما يتوفّر من إمكانيّات وشروط مناسبة.
ونحن إن سُمّينا وصُنّفنا أحياناً ضمن معسكر العقلانيّة لابدّ لنا من إشهار المؤن والأدوات التي نستعين بها في طرح القيم والمبادئ التي نؤمن بها ونذود عنها ، وبذلك فإنّنا بحاجة إلى نهضة فكريّة شاملة يتّخذ الإبداع المعرفي والابتكار الثقافي موقع الريادة فيها ، أمّا المشاريع التحقيقيّة فإنّها لا يمكن أن تكون الرائدهنا ; لافتقادها خصائص اليوم ، على الرغم من مصدريّتها ومرجعيّتها والحاجة الملموسة لها.
إنّنا إذن مع «التحقيق» إذا كان بوابّةً ومنطلقاً ودافعاً ومنصّةً تقذف بنا إلى فضاءات الاختراع والاكتشاف ، أمّا إن كان مكبّلاً ومؤطّراً لقوى الفكر الكامنة التي تجهد لتنقش على واقع المعرفة والثقافة رؤاها وبصائرها وابتكاراتها ، فإنّه سيخلق مشكلةً تتطلّب مزيداً من السعي لحلّها وتجاوز آثارها.