ولا يخفى ما لشهرة المؤلِّف من تأثير حاسم في الانتخاب .. كذلك فإنّ مشهوريّة المؤلَّف من حيث المحتوى الرفيع والمستوى الراقي تساهم مساهمةً كبيرةً في صوابيّة الاختيار رغم مغموريّة المصنِّف في كثير من الأحيان.
كما وأنّ الاُسلوب الحاكم على فضاء الكتاب واللغة المستفادة فيه ونوع البيان والهيكليّة المشاد بها وتسلسل البحوث وتنظيم الأفكار ، لها الأثر الملموس في الانتخاب ، مضافاً إلى الخصائص الابتكاريّة والإبداعيّة التي اشتُهر بها وميّزته عن غيره ، فكذا كتاب ـ مثلاً ـ قد عُرف بجامعيّته وآخر بكثرة تفريعاته وثالث بإيجازه المفيد ورابع بتطويله غير المملّ وهكذا.
ولابدّ أيضاً أن يكون الكتاب المنتخَب متناسباً مع حجم وإمكانيّات الكيان أو الفرد المتصدّي لتحقيقه ، علميّاً وفنيّاً واقتصاديّاً ، فكم وجدنا نتاجات تفتقد الكيفيّة التخصّصيّة ، بل لم تراعَ فيها أوّليات التخصّص ، فكانت وبالاً على المؤلِّف والمؤلَّف والانتماء والأوساط الثقافيّة ، وياليتها بقيت مخطوطةً وحجريّةً لم تظهر هذا الظهور الهابط.
وكم وجدنا من المعاهد والمراكز والمؤسّسات والأفراد احتفظت لنفسها بعشرات بل بمئات النفائس من المخطوطات ، أملاً منها بنيل قصب السبق بتحقيق ونشر هذه المخطوطات ، فظلّت قابعةً على رفوفها يعلوها غبار الاحتكار والأفكار الضيّقة ، فما استطاعت ولا مكّنت غيرها منها.