والملاكات السليمة والضوابط الصائبة ، فإنّها لا تعدّ حينئذ مجرّد فحص وتحرير وتحقيق وتصحيح للمتون ، بل توجِد البواعث القويّة والدواعي الراسخة والهمّة العالية نحو الانفتاح على مراتب الطموح الراقية ، المراتب التي تجعل العقل يبدع ويبتكر ويمتلك زمام المبادرة نحو صنع الجديد ، نحو التفكير بالموجود وبغير الموجود.
إنّها تخلق وتبلور الإرادة الصلبة نحو تهذيب وتنقيح الذهن وتغذيته بالطرق الناجعة للتفكير.
نعم ، إنّها معادلة منطقيّة فيها مقدّمات وتوالي ، صغرى وكبرى ونتيجة ، إنّها مجموعة علاقات ودلالات وتصوّرات وتصديقات وقضايا وصناعات ، تجري بنسق منتظم لتبلغ نقطة الهدف.
إنّ عمليّة تقويم النصوص تساهم في الحصول على حرّيّة أكبر في التفكير والتصميم واتّخاذ القرار الحاسم ، فهي بالرغم من جمعها المتناقضات ـ مثل الجرأة والخوف ـ لكنّها تزرع وتغرس بذور الانطلاقة الواسعة نحو ذهنيّة تَقْبَلُ وتَرْفِضُ ، تغيّر وتثبّت ، تحذف وتضيف ، تبيّن وتعلّق ، تصوّب وتنتقد.
وهذه بحدّ ذاتها خطوة وجسر ومعبر إلى المقصد الأساس ، المقصد المتسامي فوق القيود والحدود والخطوط التي قد تعيق حركة العقل والفكر بلا أدنى تجاوز أو تهافت مع القيم والاُصول والثوابت ... وما هذا المقصد المعهود إلاّ الفهم الذي يستوعب ضرورات الظرف أنّى كانت