حضورها الفاعل عل فضاءات الفكر والأفكار ، فيولد من جرّاء ذلك نتاجٌ إنساني آخذٌ بعين الاعتبار هذه «الأشياء» ، بل تكون من صميم الجوهر والبناء ، لا تنفكّ عنه ولا ينفكّ عنها ، فإذا استشرى استشرت معه تلقائيّاً وأساسيّاً.
إنّ أيّة محاولة نقديّة علميّة مثمرة لابدّ أن تكون : استقرائيّة استقصائيّة ، مستوعبة ، مقارنة ، حافرة ، قارئة ، محلّلة ، مستنتجة ... ممّا يعني أنّها تشاهد وتسمع وتستجمع كلّ ما يمكن أن يكون دخيلاً في صياغة الفكرة النقديّة النهائيّة.
من هنا فالفعل الإنساني إذا اُحرزت فيه ملاكاتٌ يعتقد أنّها نوع ممارسة وتطبيق لقيم ومبادئ ومفاهيم ، ولاسيّما إن كان صدورها من جهة لا يستهان بها ، فلا تتردّد الآلية النقديّة في ضمّها إلى المؤن التي تستند إليها في عمليّة البناء النقدي وترتيب الآثار.
ولا يمنح الفكر النقدي مزيداً من الفرص أو أن يتغاضى بسهولة عن هذه وتلك ، إنّه يسجّل ملاحظاته ويتابع المسير حتى يعلن المحصّلة النهائيّة ، ولطالما كان الدفاع أضعف من الهجوم والعلاج أدون من الوقاية ، ممّا يعني الجهد الجادّ والسعي الحثيث لتشييد ثقافة «العقل المسؤول» الذي يتمخّض عنه «الفعل المسؤول» ، بعبارة اُخرى : السلوكيّات الصادقة ـ التي يرصدها النقد بمختلف حالاته وانتماءاته ـ لابدّ أن تخضع لضوابط وموازين وملاكات الفكر المدوّنة ، على درجة عالية من الدقّة والحذر ،