الإحاطة بأوجز مقال ، من غير قيل وقال ، وارتجاله في الاستدلال ، وما به الإناطة بأخصر بيان ومثال ، من دون خلل وإخلال ، فلقد أجمل في الإيجاز والإعجاز ، وفصّل في الإجمال حقّ الامتياز ، فهو بإجماله فصيل ، وفي تفصيله جميل ، ولاسيّما في كتاب القضاء ، فقد اشتهر بين الفضلاء أنّه لم يكتب مثله.
ثم إنّه لا يدع برهاناً أو دليلاً إلاّ واستقرأه واستقصاه إثباتاً لمختاره ومدّعاه ، غير غافل عن التعرض لما تُمسِّك به للأقوال الاُخرى من الوجوه والأسانيد ، خائضاً فيها خوض البحر المتلاطم ناقضاً عليها بألوان الوجوه والحجج.
ولعلّ ما يكسب الكتاب قيمةً ومكانةً : تفرّسه ـ رحمه الله ـ في سائر العلوم ، كالفلك والرياضيات ، وترى آثار هذه المقدرة الفذّة بارزة في بحث القبلة وكتاب الفرائض والمواريث وغيرها من المباحث التي يشتمل عليها الكتاب.
والمشهور والمعروف عن مستند الشيعة أنّه اختصّ وامتاز بكثرة تفريعاته إلى غاية ما يمكن ، وذلك بعد تحقّق أصل المسألة عنده وإثبات مشروعيتها ، وعلى سبيل المثال لا الحصر تراه في مبحث : أنّ نصف الخمس لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من أهله (عليه السلام) دون غيرهم ، يذكر أوّلاً اعتبار السيادة أو عدمها ، ثم يعرّف السادة ويبيّن أدلّة استحقاقهم الخمس ، ثم يتناول كيفية النسبة إلى بني هاشم .. هذا ، مع أنّه يذكر لكلّ