وإنّما عنينا بهذه المقارنة اشتراك المدرسة الظاهريّة في الفقه العامّي والأخباريّة في الفقه الإمامي في نقطة ، هي شجب الإدراك العقلي والجمود على محتوى الحديث ، وتقترن هذه الفكرة في الغالب بتسرّع في تصديق الأخبار ، وحسن ظنّ بالرواة ، وقلّة التدبّر في مضمون الروايات ، مع ما كان يمتلكه أصحابها من شموخ في الفضيلة وعلوّ في المرتبة.
وقد أشار الشيخ المفيد (رحمه الله) إلى جماعة منهم بقوله : لكنّ أصحابنا المتعلّقين بالأخبار أصحاب سلامة وبُعد ذهن وقلّة فطنة ، يمرّون على وجوههم في ما سمعوه من الأحاديث .. (١).
وقد شكاهم شيخ الطائفة في مقدّمة المبسوط بقوله : وتضعف نيّتي أيضاً فيه ـ أي في عمل كتاب يشتمل على مسائل الفروع ـ قلّة رغبة هذه الطائفة فيه ، وترك عنايتهم به ; لأ نّهم ألفوا الأخبار وما رووه من صريح الألفاظ ، حتى أنّ مسألة لو غيّر لفظها وعبّر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها وقصر فهمهم عنها (٢).
وأشار إليهم المحقّق في أوّل المعتبر ، وعبّر عنهم بالحشويّة (٣).
وعن نهاية الاُصول للعلاّمة (قدس سره) في مقام إثبات حجّية خبر الواحد : أمّا الإماميّة ، فالأخباريون منهم لم يعوّلوا في اُصول الدين وفروعه إلاّ على أخبار الآحاد المرويّة عن الأئمّة (عليهم السلام) ، والاُصوليون منهم ـ كأبي
__________________
١. حكاه عنه في كشف القناع : ٢٠٤.
٢. المبسوط ١ : ٢.
٣. المعتبر ١ : ٢٩.