ما فعله عليّ وما قاله وما كتبه وما قرّره ، لم يُلحَظ فيه إلاّ ذلك الذوبان المشار إليه أعلاه ، لحاظاً واضحاً شفّافاً جليّاً لا غبار ولا لبس فيه أبدا.
وحينما أخلص (عليهم السلام) خلوصاً قدسيّاً راشحاً من تلك الطينة الإلهيّة والخزائن السماويّة الفيّاضة سناءً ونورانيّة ، كان للخلود شرف الانضواء تحت قافلة المنازل والرُتَب التي رتّبها الله تبارك وتعالى له ولسائر المعصومين آل الدوحة النبويّة.
ومن ذلك الخلود : سرمديّه الكلمة التي نطقها ودوّنها يعسوب الدين (عليه السلام) ، المفردة التي ما كانت من أجل سباق ألسني ولا نزاع لفظي ولا تمسرح لغوي ولا انتشاء معرفي ولا غرور فكري ، إنّما كان يصدح وينمّق ما يستدعي الصدح والتنميق ، ويفرض ما يفرضه الدين والقيم والمبادئ والضمير ، من وجوب إبداء الرأي والنصح والكشف والبيان والتحذير ، إنّه الإدراك الوظيفي في أشمخ حالاته وأروع لوحاته ، واضعاً منافع الرسالة الملكوتيّة والإنسانيّة في أرقى سلّم أولويّاته واهتماماته ، حتى رجّح ذلك الاعتزال والمكوث الذائع الصيت لمّا ارتأى مصلحة الإسلام والعباد تقتضي الإيثار والشكيمة ، رغم الحقّ السليب المنصوص في دراية الغدير الشهيرة وما سواها من الحجج والبراهين الكبيرة.
وتناغماً مع بحث «سرمديّة كلمة عليّ» فالشريف الرضي (٤٠٦ هـ) لمّا يعترف بأ نّه لم يجمع من كلام وخطب ورسائل أميرالمؤمنين (عليه السلام) إلاّ ما