اختاره منها في خالدته العملاقة المسمّاة «نهج البلاغة» ، بلا استقصاء واستقراء ، بل مجرّد اختيار وانتقاء .. تجدك وجدانيّاً قبال تساؤل عريض : تُرى من أنت يا علي؟
بلى ، رغم «الاختيار» تلمس بوضوح وأنت القارئ المراجع المقارن المحلّل المتفحّص المستنتج : مُذهليّة إيمان عليّ ، جماليّة إنسانيّته ، نموذجيّة أناته ، قدسيّة أنفاسه ، طهارة روحه ، صفاء ضميره ، نقاوة حناياه ، عمق رؤاه ، شموليّة معارفه ، إحاطة أفكاره ، فذاذه عبقريّته ، دقّة ملاحظاته ، مصداقيّة إخباراته ، مرارة آلامه ، شدّة معاناته ، دفء عطوفته ، حرارة حنانه ، رهافة أحاسيسه ...
وأنت تخوض غمار «كلمة عليّ» تشعر أنّك إزاء كلام هو فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق ، أنّك تخطو المسير القويم لفهم الدين والحياة والقرآن الكريم الفهم السليم ، أنّ الاعتقاد يعني : الحبّ والصدق والإخلاص والوفاء ، أنّك من أين وفي أين وإلى أين ، أنّك تطمح لو تؤمن وتناجي كما آمن وناجى عليّ : «كفى بي عزّاً أن أكون لك عبدا ، وكفى بي فخراً أن تكون لي ربّا».
تنادي وتقول : لا قدّس الله اُمّةً ظلمت عليّاً وآلَ عليّ ، لا أثاب الله أناملاً خطّت ضدّهم الإغماط واللغط والغيّ ، لا بارك الله ألسناً نطقت وأيد عملت وأفكاراً سعت إلى إزاحتهم عن مراتبهم التي رتّبهم الله عليها منذ الأمد القصي.