يومنا هذا ، بل لازلنا نسمع ونشاهد قطع الرؤوس وسبي النساء وغارة الأموال و ... بإسم الدين ، مثلما قُتل الحسين بن علي بإسم الدين حينما اعتبره الاُمويّون ـ بما فيهم أتباع هذا الرأي حاليّاً ـ خارجاً على إمام زمانه الخليفة يزيد بن معاوية ، المنصَّب توريثاً بقوّة السيف والمال ، والذي تواترت فيه الروايات بارتكاب المحرّمات ، كشرب الخمر وقتل النفس المحترمة وزنا المحارم وغيرها من الموبقات.
إذن ، الحسين بن علي إنسانٌ مهزومٌ عسكريّاً ، خارجٌ على إمام زمانه ، ابن قتّال العرب ، فطبق الموازين الطبيعيّة لا يُذكرهكذا رجل إلاّ في السجلّ الواطئ من التاريخ ، ولا غرابة في ذلك على ضوء التقييم الظاهري ..
لكنّنا لو تفحّصنا الحقائق وقرأنا الواقع قراءةً معرفيّةً محايدةً لوجدناهما يحكيان إفرازات مذهلة لهذه الواقعة :
نعم ، شهرةٌ تعلّقت بالحسين لا نظير لها ، إجلالٌ مشرئبّةٌ معه أعناق العظام ، مثالٌ يحتذي به رموز العالم الكرام ، حضورٌ مشرقٌ لا يعرف الاُفول أبدا ، ألَقٌ لا يدانيه الخفوت مطلقا ، عشقٌ وذوبانٌ وهيام ، ألمٌ وحزنٌ وبكاءٌ مستشر على طول السنين والأيّام ، مصنّفاتٌ ، مدوّناتٌ ، بحوثٌ ، مقالاتٌ ، رسائلٌ ، مشافهاتٌ ، خطبٌ ، منابرٌ ، أفكارٌ ، رؤىً ، بصائرٌ ، ثقافاتٌ ، قيمٌ ، أخلاقٌ ... كلّها مستوحاةٌ من ملحمة كربلاء الحسين.
إذن ، صار الحسين بن علي أصلاً ، مرجعاً ، مصدراً ، ميزاناً ، مقياساً ،