ثم المحدث الكاشاني في تفسيره الصافي ، وهو الحق الحقيق بالاتباع.
واما قوله : فان الظاهر انه لا قصور في أصول فقههم. إلخ. ففيه انه لا ريب ان هذا العلم واختراع التصنيف فيه والتدوين لأصوله وقواعده ، انما وقع أولا من العامة ، فإن من جملة من صنف فيه الشافعي ، وهو في عصر الأئمة ـ عليهمالسلام ـ مع انه لم يرد عنهم ـ عليهمالسلام ـ ما يشير اليه ، فضلا عن ان يدل عليه ، ولو كان حقا (١) كما يدعونه ، بل هو الأصل في الأحكام الشرعية كما يزعمونه ، لما غفل عنه
__________________
(١) انا لنستغرب هكذا هجمات قاسية من مثل شيخنا المحدث في هذا الموضع ، بل ولهجته العنيفة التي تأباه المباحث العلمية في ثنايا الكتاب.
ولنتساءل الشيخ المصنف : ما هو علم الأصول الذي يستنكره بهذه الصورة الغريبة؟! اما مباحث الألفاظ فهي جملة من مباحث لغوية بحتة يجب على الفقيه تفهمها ليتمكن من استنباط الحكم الشرعي من نصوص الكتاب والسنة ، وهي جارية على أساليب اللغة المتعارفة ، فكما يجب عليه درس متن اللغة وقواعدها الأدبية ، كذلك يجب عليه درس هذه المباحث ، لنفس الغاية.
واما الأصول العملية فهي قواعد فقهية مأخوذة من جملة روايات صحت عن أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ لا بد لكل فقيه ان يرجع إليها عند اعوزاز الدليل الاجتهادي على الحكم. فإذا لم يجد دليلا على حرمة شيء أو دليلا على وجوب شيء ، فلا بد حينئذ من اللجوء الى حديث الرفع المتواتر الذي يقبله الأصولي والاخبارى. وهكذا الاستصحاب وغيره.
نعم لا يرجع إليه الاخبارى في الشبهات التحريمية ، ويقتصر في الأخذ بحديث الرفع في الشبهات الوجوبية فحسب. وهذا المقدار لا يصلح فارقا لتكوين مذهبين ، وتبريرا لمثل هذا التشنيع القاسي. بل التشنيع موجه إلى الاخبارى نفسه الذي يترك العمل بعموم دستور صدر عن أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ فيؤمن بالبعض ويترك البعض لا عن سبب معقول.!
عصمنا الله من طيش القلم وزلة العصبية في المقال. م. ه. معرفة.