المسلمون في جواز حيازته الموجبة للملك بعد ذلك ، وانما قيد بكونه في أرض مباحة ، لأنه إذا كان في أرض مملوكة كان تابعا للأرض في الملك ، فيصح بيعه وشراؤه ، ويحرم على غير المالك أخذه بغير اذن منه ، فعلى هذا لو باع الأرض لم يدخل فيها الماء والكلاء الا ان ينص عليهما في البيع ، أو يذكر لفظا يعمهما.
وقد صرحوا هنا بأنه لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة ، لأنها للمسلمين قاطبة ، وقيل بالجواز تبعا لآثار التصرف. وقد تقدم البحث في هذه المسألة منقحا في المسألة السادسة من المقدمة الرابعة ، وينافيها ما هو المختار ، الظاهر عندنا من الاخبار.
ومنع الشيخ من بيع بيوت مكة وإجارتها ، ومنع المسلمين من سكناها إذا كانت خالية ، محتجا بالخبر وآية الإسراء من المسجد الحرام ، مع انه كان من دار أم هاني. ونقل في الخلاف الإجماع على ذلك وجملة ممن تأخر عنه تبعه في هذه الدعوى ، وبعض تردد لذلك.
والظاهر ان المشهور قالوا بالجواز. ولله در شيخنا الشهيد الثاني في الروضة ، حيث قال : وربما علل المنع بالرواية عن النبي صلىاللهعليهوآله بالنهي عنه ، وبكونها في حكم المسجد لاية الإسراء ، مع انه كان من بيت أم هاني ، ولكن الخبر لم يثبت ، وحقيقة المسجدية منتفية ، ومجاز المجاورة والشرف والحرمة ممكن ، والإجماع غير متحقق ، فالجواز متجه. انتهى. وهو جيد.
أقول : وقد مر في الموضع المشار اليه آنفا ما يؤيد ما اختاره هنا ايضا.
والظاهر ان الخبر الذي احتج به الشيخ في هذه المسألة ، هو ما نقله عنه في المختلف ، وهو ما رواه عبد الله بن عمرو بن عاص عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : مكة حرام ، وحرام أرباعها ، وحرام أجر بيوتها (١).
أقول : انظر الى هذا التساهل في الأحكام من كل من هؤلاء الاعلام ، في الاعتماد
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٤.