الأرض المفتوحة عنوة ، بما ذكره ابن إدريس ومن تبعه من تخصيص ذلك برقبة الأرض والاملاك الموجودة فيها حال الفتح ، دون ما يحدث فيها من العمارات والزراعات والغرس ونحو ذلك من المتقبلين لها كما ذكرناه ، ويخص ايضا كلام ابن إدريس بذلك ، فان ظاهر إطلاق كلامه شمول ما ذكره للعمارات الموجودة يوم الفتح. وقد عرفت انها للمسلمين قاطبة ، فلا يجرى فيها ما ذكره. بل يجب تخصيصه بما ذكرناه.
* * *
والتحقيق عندي في هذا المقام ، على ما ادى اليه فهمي القاصر من اخبارهم ـ عليهمالسلام ـ وان كان خلاف ما عليه علماؤنا الأعلام ، هو : انه مع وجود الامام عليهالسلام أو نائبه وتمكنهما من القيام بالأحكام الشرعية ، فالمرجع إليهما في ذلك ولا يجوز التصرف بشيء من أنواع التصرفات إلا بإذن أحدهما.
واما مع عدم ذلك فظاهر كلمة الأصحاب : الرجوع الى الجائر المتولي لأخذ الخراج من تلك الأراضي ، كما تقدم ذكره في مسألة حل الخراج ، فان ظاهرهم : وجوب الرجوع اليه وعدم جواز التصرف إلا باذنه ، وان أمكن الرجوع الى النائب في الاستيذان. وعندي فيه نظر ، لعدم الدليل عليه ، بل وجود الدليل على خلافه كما ستعرف إنشاء الله تعالى.
واحتمال التصرف فيها للشيعة مطلقا ، والحال هذه ، لا يخلو من قوة. لأنها وان كانت منوطة بنظر الامام عليهالسلام كما هو مدلول خبري أحمد بن محمد بن ابى نصر المتقدمتين ، وكذا رواية حماد بن عيسى ، مع وجوده وتمكنه ، الا انه مع عدم ذلك لا يبعد سقوط الحكم وجواز التصرف ، وليس الرجوع الى حاكم الجور ـ بعد تعذر الرجوع اليه ـ ع ـ كما عليه ظاهر الأصحاب ـ بأولى من الرجوع الى المسلمين يتصرفون كيف شاؤا وأرادوا ، لا سيما مع استلزام ما ذكروه المعاونة على الإثم والعدوان ، وتقوية الباطل وتشييد معالمه ، للنهى عنه كتابا وسنة.