وان كان ظاهر صحيحتي عبد الله بن سنان ذلك ، بل يتعدى الحكم إلى الكسوة (١) أيضا ، لأن المفروض انه حبس نفسه على أموالهم ليس له مكسب سوى ذلك ، وحينئذ يحمل القوت في الخبرين المذكورين على التمثيل ، لانه الضروري اللابدى (٢).
قال في المسالك : ان الأكل بالمعروف يحتاج الى تنقيح ، فإن أريد به الأكل المتعارف ـ كما يظهر من الآية والرواية وجعل مختصا بالولي ـ لا يتعدى الى عياله ، فلا منافاة بين الفقر وحصول الكفاية منه بهذا الاعتبار ، لان حصول القوت يحتاج معه إلى بقية مؤنة السنة من نفقة وكسوة ومسكن وغيرها ، حتى يتحقق ارتفاع الفقر ، ان لم نشترط حصول ذلك في بقية عياله الواجبي النفقة ، وحينئذ فقولهم ـ في الاستدلال بثبوت أقل الأمرين «انه مع حصول الكفاية يكون غنيا فيجب عليه الاستعفاف عن بقية الأجرة» ـ غير صحيح. وان أريد به مطلق التصرف كما هو المراد من قوله «وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً» ـ «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» ـ «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً» وغير ذلك ، فقيد المعروف من ذلك غير واضح المراد ، ليعتبر
__________________
(١) أقول : وعلى هذا فالمراد بالأكل في قوله تعالى «فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» مطلق التصرف كما وقع مثله في جملة من الآيات ، كقوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً» وقوله «وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا» وقوله «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» وحينئذ فالمراد والله سبحانه اعلم : انه يتصرف في أموالهم ويأخذ ما يحتاج اليه من نفقة وكسوة ونحو ذلك له ولعياله بالمعروف ، من غير إفراط ولا تفريط بإسراف أو تقتير : منه قدسسره.
(٢) والا فاللازم من التخصيص بالقوت كما هو ظاهر الخبرين ، مع فرض حبس نفسه عن تحصيل المعاش حصول الضرر عليه ، ان أوجبنا عليه القيام بإصلاح أموالهم ، كما هو ظاهر. أو الإضرار بالأيتام ان لم نوجب عليه ذلك ، فيجوز له السعى فيما له ولعياله من الكسوة ونحوها وترك أموالهم معطلة خرابا ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه ـ منه قدسسره.