تبقى الرواية المذكورة سالمة عنده من المعارض ، فيتعين العمل بها ، خصوصا مع صحة السند واعتضاد ذلك برواية صاحب الفقيه ، المشعر بقوله بمضمونها والعمل بها ، بناء على قاعدته المذكورة في أول الكتاب ، كما تكرر في كلامهم من عد مضامين اخباره مذاهب له ، بناء على القاعدة المذكورة.
وليس هنا بعد الإجماع المذكور الا العمومات التي أشاروا إليها ، من حصول الغرر ، وتطرق النزاع ونحو ذلك. وهذه العمومات ـ مع ثبوت سندها وصحته ـ يمكن تخصيصها بالخبر المذكور ، بل من الجائز ـ أيضا ـ تخصيص الإجماع المذكور ، مع تسليم ثبوته ، بهذا الخبر الصحيح ، كما يخصص عمومات الأدلة من الآيات والروايات ، وهو ليس بأقوى منها ، ان لم يكن أضعف ، بناء على تسليم صحته.
وحينئذ فيقال باستثناء صورة حكم المشترى ، وقوفا على ظاهر الخبر. وما المانع من ذلك؟ وقد صاروا إلى أمثاله في مواضع لا تحصى ، على انه سيأتيك ما يؤيد ما ذكرناه ويشيد ما اخترناه.
واما ما ذكروه من عدم الصحة مع كون المبيع مجهول القدر ، وان كان مشاهدا فقد تقدم ذكر خلاف الجماعة المتقدم ذكرهم في ذلك.
قال في الدروس : ولا تكفي المشاهدة في الوزن ، خلافا للمبسوط ، وان كان مال السلم ، خلافا للمرتضى ، ولا القول بسعر ما بيعت مع جهالة المشتري ، خلافا لابن الجنيد ، حيث جوزه ، وجعل للمشتري الخيار ، وجوز ابن الجنيد بيع الصبرة مع المشاهدة جزافا بثمن جزاف مع تغاير الجنس. ومال في المبسوط الى بيع الجزاف وفي صحيحة الحلبي كراهية بيع الجزاف. انتهى.
أقول : صحيحة الحلبي المذكورة هي : ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح ، عن الحلبي عن الصادق عليهالسلام في رجل اشترى من رجل طعاما ، عدلا بكيل معلوم ، ثم ان صاحبه قال للمشتري : ابتع هذا العدل الأخر بغير كيل ، فان فيه مثل ما في الأخر