ثمّ في المقام اختلاف آخر ـ زائدا على إبهامهم معنى الأصل ـ وهو أنّ الأصول الأربعمائة كلّها من كلام الصّادق عليهالسلام أو من كلام أمير المؤمنين إلى الإمام العسكري عليهمالسلام كلّهم؟ ذهب إلى الثّاني الشّيخ المفيد رحمهالله في ما نقلناه عنه أوّلا.
وذهب المحقّق رحمهالله في المعتبر. (١) إلى الأوّل فقال في كلامه ... حتّى كتبت من أجوبة مسائله ـ أي مسائل الإمام الصّادق عليهالسلام أربعمائة ـ مصنّف لأربعمائة مصنّف ـ سمّوها : أصولا. (٢) وتبعه الطبرسي فى محكي أعلام الورى (٣) ، حيث قال : روى عن الصادق عليهالسلام من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان ، وصنّف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب معروفة تسمّى الاصول ، رواها أصحابه وأصحاب ابنه موسى عليهالسلام. (٤)
وهذا الاختلاف عجيب (٥) ، وما ذكره صاحب الوسائل في نفي المنافاة بين القولين ضعيف جدّا. (٦)
وهنا اختلاف آخر بين قول المحقّق الحلّي ـ أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف ـ وبين قول الشّيخ في فهرسته في حقّ كتب حريز : وتعد كلّها في الاصول ، كما مرّ.
وفي الختام إليك ما ذكره سيدنا الأستاذ الحكيم رحمهالله :
|
ومثل ذلك دعوى ثبوت وثاقة النرسي بعدّ كتابه من الاصول ، كما في الفهرست وغيره ؛ إذ فيه عدم وضوح كون المراد بالأصل الكتاب الّذي يجوز الاعتماد عليه والعمل بما فيه ، لاحتمال كون المراد معنى آخر ، فلاحظ كلماتهم في الفرق بين الكتاب والأصل ، فقد ذكروا فيه وجوها واحتمالات ليس على واحد منها شاهد واضح ، وأيضا فإنّ المحكي عن الصدوق في فهرسته ـ تبعا لشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد ـ أنّ أصل زيد النرسي ، وأصل زيد الزراد وكتاب خالد بن عبد الله بن سدير ، موضوعات ، وضعها محمّد بن موسى الهمداني. وهذه الدّعوى وإن غلطهما فيها ابن الغضائري وغيره ، بأنّ الأصلين الأوّلين قد رواهما محمّد بن أبي عمير ، لكنّها توجب الإرتياب ، إذ من البعيد أن يكون الصّدوق وشيخه ممّا خفي عليهما ذلك ، فجزما بالوضع ، وممّا يزيد الارتياب أنّ الشّيخ رحمهالله في الفهرست ـ مع اعترافه بأنّ زيدا النرسي له أصل ، وأنّه رواه محمّد بن أبي عمير عنه ـ لم |
__________________
(١) المعتبر : ١ / ٢٦.
(٢) وسائل الشيعة : ٣٠ / ٢٠٩ الطبعة الجديدة.
(٣) اعلام الوري : ٤١٠.
(٤) وسائل الشيعة : ٣٠ / ٢٠٨ ، وكذا الشّهيد في الذكرى ، كما في الوسائل : ٣٠ / ٢١٦.
(٥) ويمكن حمل كلام المحقّق على الغالب ، فقد ذكر الشّيخ الطوسي رحمهالله في فهرسته ، إنّ لعلي بن أسباط أصلا ، وهو من أصحاب الرضا والجواد صلىاللهعليهوآله.
(٦) لاحظ : تفصيل الأقوال حول الاصول في : مقباس الهداية : ٩١.