بيّنا أسانيدها ، أمّا من الكافي ، أو من كتبه ، أو من كتب الحسين بن سعيد ... انتهى.
الثانية : يقول السّيد بحر العلوم (١) في ترجمة الصدوق رضياللهعنهما. فإنّه أي الفقيه أحد الكتب الأربعة الّتي هي في الاشتهار والاعتبار ، كالشّمس في رابعة النهار ، وأحاديثه معدودة في الصحاح من غير خلاف ولا توقّف من أحد (٢) ، حتّى أنّ الفاضل المحقّق الشّيخ حسن بن الشّهيد الثّاني مع ما علم من طريقته في تصحيح الأحاديث يعد أحاديثه من الصحيح ، عنده وعند الكلّ ونقل عنه ـ أي عن الشّيخ حسن ـ تلميذه الشّيخ الجليل عبد اللطيف في رجاله أنّه سمع منه مشافهة : إنّ كلّ رجل يذكره في الصحيح عنده فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل.
ومن الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث الفقيه على غيره من الكتب الأربعة ؛ نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق رحمهالله وحسن ضبطه وتثبته في الرّواية ، وتأخّر كتابه عن الكافي وضمانه فيه لصحّة ما يورده ... وبهذا الاعتبار قيل إنّ مراسيل الصّدوق في الفقيه ، كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة والاعتبار.
وإنّ هذه المزية من خواص هذا الكتاب ولا توجد في غيره من كتب الأصحاب ، انتهى.
أقول : والأصل في هذا الاتّفاق المدعى (٣) في كلام هذا السّيد المعظّم على تصحيح روايات الفقيه ، حتّى مراسيلها بحسب الظاهر ، هو كلام الصدوق نفسه ، قال قدّس سره في أوّل كتابه : ... وصنّفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وان كثرت فوائده ، ولم أقصد فيه قصد المصنفين إلى إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتى به ، وأحكم بصحته ، واعتقد أنّه حجّة بيني وبين ربي عزوجل ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة ، عليها المعوّل وإليها المرجع ، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستاني ، وكتاب عبيد الله بن عليّ الحلبي ، وكتب علي بن مهزيار الأهوازي ، وكتب الحسين بن سعيد ، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ، وكتاب نوادر الحكمة تصنيف محمّد بن أحمد بن عمران الأشعري ، وكتاب الرحمة لسعد بن عبد الله ، وجامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضياللهعنه ، ونوادر محمّد بن أبي عمير ، وكتب المحاسن لأحمد بن أبي
__________________
(١) رجال السّيد بحر العلوم : ٣ / ٢٩٩ و ٣٠٠.
(٢) وكأنّ السيد رحمهالله لم يقف على كتب الشّيخ المفيد ، أو نسيها حين كتابة هذه الكلمات وإلّا لم يجرء على كلامه ، هذا فإنّ المفيد رحمهالله ردّ بعض أحاديث الفقيه بصراحة وشدّة. فلاحظ : رسالته العدّدية مثلا ، حتّى تعرف حقيقة الحال.
(٣) لاحظ : ما يضعّف هذه الدعوى في كلام صاحب التكلمة ، مقباس الهداية : ٤٩.