وليس المقام منها فإنّ العدالة ، وإن لم تكن محسوسة إلّا أن آثارها قريبة من الحسّ حتّى تعرفها زوجة العادل وخادمه ؛ وأمّا صدق القول ، فهو أوضح حالا.
وبالجملة : كلّ صادق إذا أخبر عن صدق أحد أو كذبه ، فإنّما يقبل قوله عند العقلاء إذا كان زمان المقول فيه قريبا من زمان المخبر أو كان زمانه بعيدا عنه ، لكن سلسلة الأسناد هناك متحقّقة بحيث يعلم أو يحتمل احتمالا عقلائيّة ، استناد خبره إلى الحسّ وإلّا فلا دليل على القبول ، وهذا أصل يرتّب عليه ثمرات كثيرة ، كما لا يخفى.
فإذا وثّق العلّامة رحمهالله مثلا أحدا من أصحاب الصّادق عليهالسلام ، فلا نعتبر توثيقه هذا ، لعدم احتمال كونه ناشئا من الحسّ ومن طريق منقول إليه من غير طرق الشّيخ وأمثاله احتمالا عقلائيّا.
١٩. وقوع أحد في أسناد روايات تفسير القمّي لتوثيقه ، رواة أحاديث كتابه ـ كما عن سيّدنا الأستاذ ـ تبعا لصاحب الوسائل ، وكذا وقوع أحد في أسناد كامل الزيارات لابن قولويه ، فإنّه وثق رواة كتابه.
أقول : يأتي نقدهما في بحثين منفردين.
٢٠. كون شخص من مشائخ النجّاشي رحمهالله.
أقول : الكلام فيه كما في سابقه.
٢١. من روى عن الصّادق عليهالسلام لتوثيق الشّيخ المفيد رحمهالله أربعة آلاف من أصحابه عليهالسلام وتبعه صاحب : روضة الواعظين والأنوار المضيئة ، وأعلام الورى والمناقب.
وفيه أوّلا : انّا نقطع بعدم صحّته ؛ إذ لا تحتمل عادة وثاقة أربعة آلاف صحابي على اختلاف مذاهبهم ومسالكهم. (١)
وثانيا : لا نحتمل وصول وثاقتهم للشيخ المفيد فقط بطريق معتبر ، فالتوثيق ناشيء من تسامحه في التعبير رحمهالله. (٢) ونسبة هذا التّوثيق في كلام المفيد رحمهالله إلى أصحاب الحديث
__________________
(١) في صحيح ابن رئاب قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول ، وهو ساجد : «اللهم ، اغفر لي ولأصحاب أبي ، فإنّي أعلم أنّ فيهم من ينقصني». بحار الأنوار : ٤٧ / ١٧ ، الطبعة الحديثة. ويلاحظ أنّ مصدر الخبر وهو قرب الإسناد غير واصل إلى المجلسي بسند معتبر ، كما يأتي في البحث الثّاني والخمسين.
(٢) اشتبه الأمر على المحدّث النوري رحمهالله في المقام ، فحسب التّوثيق من ابن عقدة ، وأطال كلامه في المقام ، ولكن لا طائل تحته. انظر : المستدرك : ٧٧٠.
والحقّ أنّ عدد أصحاب الصّادق إلى أربعة آلاف غير ثابت ، وإلّا لذكرها الشّيخ في رجاله واعتذار النوري رحمهالله عنه ضعيف جدّا. والتوثيق من الشّيخ المفيد في إرشاده ، حيث قال في أوّل أبواب ذكر الإمام