ثانيها : إخبارهم بأنّهم لا يروون رواية إلّا إذا فهموا صحّتها.
ثالثها : إخبارهم بأنّهم لا يروون الرّواية إلّا عن ثقة أو فهموا صحّتها على سبيل منع الخلو.
رابعها : فهم العصابة إنّ هؤلآء الرجال لا يروون إلّا عن ثقة ، وإن لم يخبر به هؤلآء أنفسهم.
خامسها : فهمهم أنّهم لا يروون الرّواية إلّا مع القرينة على الصّحة.
سادسها : فهمهم أنّهم لا يروون إلّا معها أو عن ثقة على سبيل منع الخلوّ.
ومنشأ فهم الأصحاب واعتقادهم به ينشأ ، إمّا من وقوفهم على جميع الرّوايات المنقولة عن هؤلآء فيكون الإخبار حسّيا ،
أو جلالة هؤلآء وشدّة احتياطهم في أمر الدّين فيكون الإخبار حدسيّا ، أو الوقوف على كمية منها ثمّ الحدس في الباقي بملاحظة جلالتهم.
سابعها : مطابقة رواياتهم للواقع من باب الاتّفاق فأراد الإمام عليهالسلام أن يتوجّه الشّيعة إليها وتستفيد منها ، ففعل ما أوجب عقد الإجماع عليه فانّعقد.
وقول الشّيخ الطّوسي الآتي من عدّته : فإنّ كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة موثوق به ... من الثقات الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا ممّن يوثق به ... يحتمل أحد الوجوه الثّلاثة الّتي ذكرناها في منشأ فهم الأصحاب في السبب السّادس.
أقول : أمّا الأسباب الثّلاثة الأوّلى ، فهي منتفية لعدم ذكر منها في كلام الفقهاء والمحدّثين والمؤرّخين والرجاليّين مثل : الكشّي والنجّاشي والشّيخ وغيرهم. ونحن لم نقف على نقل ضعيف يتضمّن ذلك عن أحدهم فاختياره رجم بالغيب بل نحن نطمئن بعدمه ، بل قول الشّيخ رحمهالله : الّذين عرفوا بأنّهم ... يدلّ على عدم إخبارهم ، وإلّا لعبّر : بالّذين أخبروا بأنّهم ...
وأمّا مشاهدة الأصحاب ووقوفهم على كون روايات هؤلآء على أحد الأقسام الثّلاثة ، فهي أيضا ضعيفة ، ولا نحتمل احتمالا عقلائيا وقوف كلّ واحد من العلماء على جميع روايات كلّ واحد من هؤلآء الأشخاص على كثرتها ، سواء دوّنت في الكتب أم لم تدوّن ، حتّى اطّلعوا على وثاقة رواتها أو قرائن صحّتها.
وهذا محمّد بن مسلم نقل عنه الكشّي بسند غير معتبر. (١) إنّه سأل أبا جعفر عليهالسلام عن ثلاثين ألف حديث ، وسأل أبا عبد الله الصّادق عليهالسلام عن ستّة عشر ألف حديث.
__________________
(١) انظر : رجال الكشّي : ١٦٣ ، ترجمة : محمّد بن مسلم ، طبعة ، جامعة مشهد ستة ١٣٤٨ ه ش : رقم ٢٧٦.