إلّا أن يقال : انّ هذه الرّوايات وأمثالها ممّا رواها أحد هؤلآء عن الأئمّة عليهمالسلام بلا واسطة غير محتاجة إلى القرائن ، وخارجة عن محلّ البحث كما لا يخفى ، ومحل النّزاع ما إذا توسط بينهم وبين الإمام أحد المجهولين أو الضعفاء أو أكثر.
على أنّ نظر الرّاوي أو العالم في القرائن غير متبع لغيره لاختلاف الأنظار في هذه الأمور الاجتهاديّة ، وأمّا الحدس المطلق أو بعد الاستقراء النّاقص ، ففي السبب الخامس والسادس غير مفيد في الحكاية والمحكي ، وفي الرابع في الحكاية فقط.
أمّا في المحكي ، فلأنّ الأنظار تختلف في القرائن النّظريّة الاجتهاديّة أوسع اختلاف ، فلا يكون فهم أحد حجّة على غيره.
وأمّا في الحكاية فأوّلا : إنّا لا نحتمل اتفاق جميع علماء الإماميّة على ذلك ، ولم يظهر لنا كميّة العصابة المجمعة على التّصحيح المذكور ، وهذا النجّاشي لم يذكر في ترجمة أحد ، حتّى ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي ، هذا الإجماع فيظهر منه عدم ارتضائه به. وهذا المحقّق الحلّي يقول في محكي آداب الوضوء من معتبره :
ولو احتجّ بما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا ، كان الجواب الطعن في السند ؛ لمكان الإرسال ، ولو قال مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الأصحاب ، منعنا ذلك ؛ لأنّ في رجاله من طعن الأصحاب فيه ، وإذا أرسل احتمل أن يكون الرّاوي أحدهم.
وإذا : ليس حدسهم يفيد العلم الوجداني لنا ، ولا العلم التعبّدي.
وقيل : إنّ المحقّق رحمهالله ابتلي بالتناقض في هذا البحث ، فإنّه في بحث الكرّ من معتبره ادّعى عمل الأصحاب بمراسيل ابن أبي عمير.
ويمكن أن يجاب عنه : بأنّ إنكاره مؤخّر عن ادّعائه في كتاب المعتبر ، (١) فيحمل إنكاره على عدوله عن قوله الأوّل.
وثانيا : إنّا وقفنا على رواية هؤلآء من الضعفاء (٢) ، فكيف نقول إنّ العصابة لكثرتهم مصونة عن الاشتباه في حدسهم هذا ، على أنّ ابن أبي عمير قد غاب عن نفسه أسماء من روي عنهم بعد خلاصه من السجن ، فاضطرّ إلى أن يروي مرسلا ، فكيف يمكن لغيره أن يطّلع عليهم ويدّعي وثاقتهم؟ فافهم.
__________________
(١) المعتبر : ١٠ ، ٤١ ، الطبعة القديمة.
(٢) لاحظ : معجم رجال الحديث ، ج ١ ، ص ٥٩ ، تجد بعض رواياتهم عن الضعفاء.