الطواف لمن كان تحرج منه في الجاهلية أو لمن كان يطوف به في الجاهلية قصدا للأصنام التي كانت فيه اه.
ومراده أنّ لا جناح عليك أن تفعل نص في نفي الإثم عن الفاعل وهو صادق بالإباحة والندب والوجوب فهو في واحد منها مجمل ، بخلاف لا جناح عليك أن لا تفعل فهو نص في نفي الإثم التالي وهو صادق بحرمة الفعل وكراهيته فهو في أحدهما مجمل ، نعم إن التصدي للإخبار بنفي الإثم عن فاعل شيء يبدو منه أن ذلك الفعل مظنة لأن يكون ممنوعا هذا عرف استعمال الكلام فقولك لا جناح عليك في فعل كذا ظاهر في الإباحة بمعنى استواء الوجهين دون الندب والوجوب إذ لا يعمد أحد إلى واجب أو فرض أو مندوب فيقول فيه إنه لا جناح عليكم في فعله ، فمن أجل ذلك فهم عروة بن الزبير من الآية عدم فرضية السعي ، ولقد أصاب فهما من حيث استعمال اللغة لأنه من أهل اللسان ، غير أن هنا سببا دعا للتعبير بنفي الإثم عن الساعي وهو ظن كثير من المسلمين أن في ذلك إثما ، فصار الداعي لنفي الإثم عن الساعي هو مقابلة الظن بما يدل على نقيضه مع العلم بانتفاء احتمال قصد الإباحة بمعنى استواء الطرفين بما هو معلوم من أوامر الشريعة اللاحقة بنزول الآية أو السابقة لها ، ولهذا قال عروة فيما رواه «وأنا يومئذ حديث السن» يريد أنه لا علم له بالسنن وأسبابا النزول ، وليس مراده من حداثة سنه جهله باللغة لأن اللغة يستوي في إدراك مفاداتها الحديث والكبير ، ولهذا أيضا قالت له عائشة «بئسما قلت يا ابن أختي» تريد ذم كلامه من جهة ما أداه إليه من سوء فهم مقصد القرآن لو دام على فهمه ذلك ، على عادتهم في الصراحة في قول الحق ، فصار ظاهر الآية بحسب المتعارف مؤولا بمعرفة سبب التصدي لنفي الإثم عن الطائف بين الصفا والمروة.
فالجناح المنفي في الآية جناح عرض للسعي بين الصفا والمروة في وقت نصب إساف ونائلة عليهما وليس لذات السعي ، فلما زال سببه زال الجناح كما في قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء : ١٢٨] فنفى الجناح عن التصالح وأثبت له أنه خير فالجناح المنفي عن الصلح ما عرض قبله من أسباب النشوز والإعراض ، ومثله قوله : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة : ١٨٢] مع أن الإصلاح بينهم مرغب فيه وإنما المراد لا إثم عليه فيما نقص من حق أحد الجانبين وهو إثم عارض.
والآية تدل على وجوب السعي بين الصفا والمروة بالإخبار عنهما بأنهما من شعائر