الاُولى : قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) (١).
قد وردت الأحاديث الكثيرة في تفسيرها بالرجعة ، على أنّها نصّ واضح الدلالة ظاهر بل (٢) صريح في الرجعة ؛ لأنّه ليس في القيامة قطعاً ، وليس بعد القيامة رجعة إجماعاً ، فتعيّن كون هذه الرجعة قبلها (٣) ، وإنّما آية القيامة ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (٤) وإذا ثبت أنّه يحشر من كلّ اُمّة فوجاً ممّن يكذّب بآيات الله ، ثبت باقي أقسام الرجعة وإلا لزم إحداث قول ثالث ، مع أنّه لا قائل بالفرق ، فإنّ الإماميّة تقرّ بالجميع ، والعامّة تنكر الجميع ، فالفارق خارق للإجماع.
الثانية : قوله تعالى ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُـمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (٥).
قد وردت الأحاديث الكثيرة بتفسيرها في الرجعة ، على أنّها نصّ في ذلك لا تحتمل سواه إلا أن تصرف عن ظاهرها ، وتخرج عن حقيقتها ، ولا ريب في وجوب الحمل على الحقيقة عند عدم القرينة ، وليس هنا قرينة كما ترى.
وقد تقدّم نقل الطبرسي إجماع العترة الطاهرة على تفسير هذه الآية بالرجعة ،
____________
١ ـ سورة النمل ٢٧ : ٨٣.
٢ ـ ( بل ) لم ترد في « ح ، ط ».
٣ ـ في « ك » : كونه هو الرجعة. بدل من : كون هذه الرجعة قبلها.
٤ ـ سورة الكهف ١٨ : ٤٧.
٥ ـ سورة النور ٢٤ : ٥٥.