أحياهم الله لم يكونوا مكلّفين وإلا لما قالوا : « وددنا أنّا أدركناه فنؤمن به » وأنّ الجماعة من بني إسرائيل لمّا أحياهم الله بعد موتهم كانوا مكلّفين. ويأتي تحقيق ذلك إن شاءالله تعالى.
الثالث : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « عيون الأخبار » ـ في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليهالسلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهمالسلام ـ قال : حدّثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي ، عن أبيه ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمّد بن الجهم ـ في حديث طويل ـ إنّ المأمون قال للرضا عليهالسلام : فأخبرني عن قول إبراهيم عليهالسلام : ( رَبَّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) (١)؟ فقال الرضا عليهالسلام : « إنّ الله أوحى إلى إبراهيم عليهالسلام : إنّي متّخذ خليلاً إن سألني إحياء الموتى أحييتها له ، فوقع في قلب إبراهيم أنّه ذلك الخليل فقال : ( رَبَّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ـ على الخلّة ـ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَل مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ) (٢).
فأخذ إبراهيم عليهالسلام نسراً وبطّاً وطاووساً وديكاً فقطّعهنّ وخلطهنّ ، ثمّ جعل على كلّ جبل ـ من الجبال التي كانت حوله وكانت (٣) عشرة ـ منهنّ جزءاً وجعل مناقيرهنّ بين أصابعه ، ثمّ دعاهنّ بأسمائهنّ ووضع عنده حبّاً وماءً ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتّى استوت الأبدان ، وجاء كلّ بدن حتّى انضمّ إلى رقبته ورأسه ، فخلّى إبراهيم عن مناقيرهنّ فطرن ، ثمّ وقعن فشربن من ذلك الماء ، والتقطن من ذلك الحبّ وقلن : يا نبي الله أحييتنا أحياك الله ، فقال إبراهيم : بل الله
____________
١ و ٢ ـ سورة البقرة ٢ : ٢٦٠.
٣ ـ قوله : ( حوله وكانت ) لم يرد في « ك ».