والأدلّة الدالّة على انقطاع التكليف بالموت بل قبله عند المعاينة كثيرة في الكتاب والسنّة ، فمن ادّعى تكليفاً بعد الموت فعليه الدليل ، ولا سبيل إليه ، وعمومات الخطاب قابلة للتخصيص ، على أنّها لم تتناول جميع الأزمان إلا بالإجماع (١) وليس هنا إجماع ، وكونهم يجاهدون ويفعلون أفعالاً كثيرة لا يدلّ على أنّهم مكلّفون بها ، كما أنّهم في الآخرة يفعلون أشياءً كثيرة جدّاً لا يمكن عدّها من المشي إلى موقف الحساب ، وأخذ الكتاب باليمين أو الشمال (٢) ، والجواب عن كلّ ما يُسألون عنه ، ومن المرور على الحوض ، وسقي من يُسقى ، وطرد من يُطرد ، ومن حمل اللواء ، وتمييز أهل الجنّة والنار ، وسوقهم (٣) إلى منازلهم ، والشفاعة ، وهبة بعضهم حسناته لبعض (٤).
وغضّ (٥) أبصارهم عند مرور فاطمة عليهاالسلام ، وركوب بعضهم ، ومشي الباقين ، وقسمة الجنّة والنار ، والجثو على الركب تارةً والقيام اُخرى ، ودخول الجنّة والنار ، والنزول بمنزل خاصّ ، وما يصدر من الكلام الطويل بينهم ، ومن الأكل والشرب والجماع والنوم والجلوس والمشي (٦) ، وزيارة بعضهم بعضاً ، ومن التحميد والتسبيح ، وغير ذلك ممّا هو كثير جدّاً ، وليسوا مكلّفين بشيء من ذلك ، وقد ذكر هذا الوجه صاحب كتاب « الصراط المستقيم » فقال بعدما ذكر بعض الآيات والأخبار في رجوع الأئمّة الأطهار عليهمالسلام :
__________________
١ ـ في المطبوع و « ط » : بالإجماع. وما في المتن من « ح ، ش ، ك ».
٢ ـ في المطبوع و « ط » : والشمال. وفي « ح » : واليسار ، وما في المتن من « ش ، ك ».
٣ ـ في « ح » : وشوقهم.
٤ ـ في « ح » : حسناتهم لبعض. وفي « ط » : حسنات لبعضهم.
٥ ـ في « ش ، ك » : وغظّهم.
٦ ـ ( والمشي ) لم يرد في « ش ».