انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) (١) فقالوا : « إنّ هذه الآية هو (٢) القائم عليهالسلام7 ، فإذا ظهر لم تقبل توبة المخالف » وهذا يبطل ما اعتمده (٣) السائل.
فإن قيل : فيكون الله تعالى (٤) قد أغرى عباده بالعصيان ، وأباحهم الهرج والمرج والطغيان ، لأنّهم إذا كانوا يقدرون على الكفر وأنواع الضلال وقد يئسوا من قبول التوبة ، لم يدعهم داع إلى الكفّ عمّا في طباعهم ، ولا انزجروا عن فعل قبيح (٥) ، ومن وصف الله بإغراء خلقه بالمعاصي فقد أعظم الفرية عليه.
قيل لهم : ليس الأمر على ما ظننتموه ، وذلك أنّ الدواعي لهم إلى المعاصي تكون مرتفعة إذ ذاك (٦) ، لأنّهم علموا بما سلف لهم من العذاب إلى وقت الرجعة ، على خلاف أئمّتهم ، ويعلمون في الحال أنّهم معذّبون على ما سبق لهم من العصيان ، وأنّهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب في الحال ، وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الإسلام مثله في أهل الآخرة ، وإبطال توبتهم ، فما أجابوا به فهو جوابنا.
فإن قيل على الجواب الأوّل : كيف يتوهّم من القوم الإقامة على العناد ، وقد عاينوا العقاب في القبور وحلّ بهم عند الرجعة العذاب ، وكيف يصحّ أن تدعوهم الدواعي إلى ذلك؟
__________________
١ ـ سورة الأنعام ٦ : ١٥٨.
٢ ـ في « ش ، ط » : هي.
٣ ـ في « ح » : ما اعتقده.
٤ ـ في المصدر : سؤال : فإن قالوا في هذا الجواب : ما أنكرتم أن يكون الله سبحانه على ما أصّلتموه. بدل من : فإن قيل : فيكون الله تعالى.
٥ ـ في المصدر زيادة : يصلون به إلى النفع العاجل.
٦ ـ في المصدر زيادة : ولا يحصل لهم داع إلى قبيح على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب.