قيل : يصحّ ذلك لأنّ جميع ما عدّدتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف ؛ لأنّهم يظنّون أنّهم إنّما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم وليّلوا الدنيا كما كانوا يظنّون ، وإذا حلّ بهم العقاب توهّموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أنّ هذا ليس على سبيل الإستحقاق (١) ، وأنّه من الله تعالى كما حلّ بالأنبياء ، ولأصحاب (٢) هذا الجواب أن يقولوا : ليس ما ذكرناه بأعجب من كفر (٣) قوم موسى وعبادتهم العجل ، وقد شاهدوا منه الآيات وعاينوا ما حلَّ بفرعون وملائه من العذاب على الخلاف.
ولا بأعجب من إقامة أهل الشرك على خلاف رسول الله صلىاللهعليهوآله وهم يعلمون عجزهم عن مثل ما أتى به من القرآن ، ويشهدون معجزاته وآياته ، ويجدون وقوع ما يخبر به على حقائقه ، من قوله ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) (٤) وقوله تعالى : ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ) (٥) وقوله ( غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) (٦) وغير ذلك ، وما حلّ بهم من العذاب (٧) بسيفه ، وهلاك من توعّده بالهلاك هذا ، وفيمن (٨) أظهر الإيمان به المنافقون ينضافون في خلافه إلى أهل الشرك.
على أنّ هذا السؤال لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة ; لأنّهم يزعمون
__________________
١ ـ في « ش » : الاستحقار.
٢ ـ في « ش » : والأصحاب.
٣ ـ في المطبوع ونسخة « ط » : أمر.
٤ ـ سورة القمر ٥٤ : ٤٥.
٥ ـ سورة الفتح ٤٨ : ٢٧.
٦ ـ سورة الروم ٣٠ : ٢ ـ ٣.
٧ ـ في المصدر : العقاب.
٨ ـ في « ش » : أول من. بدل من : وفيمن.