وأمّا قوله : « من لم يقل برجعتنا فليس منّا » فإنّما أراد بذلك ما يختصّه من القول به ، في أنّ الله تعالى يحشر قوماً من اُمّة محمد صلىاللهعليهوآله بعد موتهم قبل يوم القيامة ، وهذا مذهب يختصّ به آل محمّد عليهمالسلام ، والقرآن شاهد به ، قال الله تعالى في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (١) وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ) (٢) فأخبر أنّ الحشر حشران : عامّ وخاصّ.
وقال سبحانه مخبراً عمّن يحشر من الظالمين أنّه يقول يوم الحشر الأكبر ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوج مِن سَبِيل ) (٣) وللعامّة في هذه الآية تأويل مردود ، وهو أن قالوا : المعنى أنّه خلقهم أمواتاً ثمّ أماتهم بعد الحياة.
وهذا باطل لا يستمرّ (٤) على لسان العرب ؛ لأنّ الفعل لا يدخل إلا على من كان بغير الصفة التي انطوى اللفظ على معناها ، ومن خلقه (٥) الله أمواتاً لا يقال أماته ، وإنّما يدخل (٦) ذلك فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة ، كذلك لا يقال أحيا الله ميتاً إلا أن يكون قبل إحيائه ميّتاً ، وهذا بيّن لمن تأمّله.
وقد زعم بعضهم أنّ المراد الموتة التي تكون (٧) بعد سؤالهم في القبور فتكون
____________
١ ـ سورة الكهف ١٨ : ٤٧.
٢ ـ سورة النمل ٢٧ : ٨٣.
٣ ـ سورة غافر ٤٠ : ١١.
٤ ـ في المصدر : لا يجري.
٥ ـ في « ش » : خلقهم.
٦ ـ في المصدر : يقال.
٧ ـ في « ط » : الموت الذي يكون.