الاُمم الخالية والقرون البالية (١).
وقال السيِّد المرتضى علم الهدى في جواب المسائل التي وردت عليه من الري حيث سألوا عن حقيقة الرجعة ; لأنّ شذّاذ الإماميّة يذهبون إلى أنّ الرجعة رجوع دولتهم في أيّام القائم عليهالسلام دون رجوع أجسامهم (٢).
الجواب : إنّ الذي تذهب إليه الشيعة الإماميّة أنّ الله يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي عليهالسلام قوماً ممّن كان تقدّم موته من شيعته ، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ومشاهدة دولته. ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم ، والدليل على صحّة ذلك أنّ ذلك لا شبهة على عاقل أنّه مقدور لله غير مستحيل ، فإنّا نرى كثيراً من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة.
وإذا ثبت جواز الرجعة فالطريق إلى إثباتها إجماع الإماميّة ، فإنّهم لا يختلفون في ذلك ، وإجماعهم ـ قد بيّنّا في غير موضع من كتبنا أنّه ـ حجّة ، وبيّنّا أنّ الرجعة لا تنافي التكليف ، فلا يظنّ ظانّ أنّ التكليف معها باطل ، فإنّ التكليف كما يصحّ مع ظهور المعجزات ، فكذا يصحّ مع الرجعة ، لأنّه ليس في ذلك ملجأ إلى فعل الواجب وترك القبيح.
فأمّا من تأوّل الرجعة بأنّ معناها رجوع الدولة دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات ، فإنّ قوماً من الشيعة لمّا عجزوا عن نصرة الرجعة عوّلوا على هذا التأويل ، وهذا غير صحيح ؛ لأنّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة (٣) فتطرّق التأويلات عليها ، وكيف يثبت ما هو مقطوع على صحّته بأخبار الآحاد
__________________
١ ـ المسائل السروية : ٣٥ ( ضمن مصنفات المفيد ج ٧ ) باختلاف.
٢ ـ في « ح » : أجسادهم.
٣ ـ ( المنقولة ) لم ترد في « ط ».