وزعم مؤرخو حلب أن في معرة النعمان عمودا فيه طلسم للبق تحته مغارة فيها صورة بقة نزل إليها رجل فبطلت خاصتها ، وأن فيها عمودا هو طلسم الحيات يميل مع الريح القوية فيوضع تحته الجوز واللوز فيكسر.
قلت : والمشهور عند أهل المعرة أن الشيخ زين الدين عمر بن الودي مدفون في المعرة. والذي ذكره ابن خطيب الناصرية أنه مدفون في حلب وعلى ذلك جرينا في ترجمته. وينسب إلى المعرة كثير من العلماء والمحدّثين وهذا القضاء في جنوبي حلب ويبعد مركزه عن حلب ٢٢ ساعة وقصبة المعرة الآن تشتمل على دار حكومة ومستودع رديف وقلعة متهدمة وستة عشر جامعا وخمسة عشر مسجدا ومدرستين وأربع حمامات وما يقرب من ٥٠٠ دكان وأربعة وعشرين مدارا (١) وخان واحد وأربعة أفران وعشرة (٢) معاصر زيت وعشرة بيوت قهاوي ومسلخ واحد.
وجامعها الأعظم عمري قديم له من الأوقاف ما فيه كفايته يضاف إليها الفاضل من غلة خان مراد جلبي وخان أسعد باشا. وفيها جامع آخر فيه مقام لسيدنا يوشع له منارة جميلة وأوقاف جليلة لعبت بها أيدي المتغلبين. وجامع آخر فيه غار يشتمل على قبر عطاء الله بن أبي رباح حامل لواء النبي صلّى الله عليه وسلم وعشر مسابغ (٣).
واللغة في هذا القضاء العربية وهو قضاء واسع كثير الأراضي جيد التربة والهواء إلا أن أكثر أراضيه موات للخوف من الأعراب الرحّل. وكان قديما من أعمال حماة ثم ألحق بلواء حلب منذ عهد غير بعيد وكانت المعرة معروفة عند العرب بذات القصور إلى أن سميت بمعرة النعمان للسبب الذي تقدم ذكره.
وذكر ابن بطوطة في رحلته أنه كان يوجد في ضواحي المعرة مقدار عظيم من شجر الفستق أما الآن فلا أثر له هناك إنما يوجد فيها قليل من الكرم وماء أهلها من الصهاريج المطريّة وقد مر على المعرة عدة حوادث ذكرناها في باب الأخبار مرتبة على سنيها فأغنى عن ذكرها هنا.
__________________
(١) المدار : المطحنة تديرها الدابّة.
(٢) الصواب «عشر» لأن المعدود مؤنث فتخالفه العشر.
(٣) ذكرها كما تلفظها العامة ، والصواب بالصاد : «مصابغ».