وأضررت بالفاني وشمّرت للذي |
|
أمامك في يوم من الشرّ مظلم |
سما لك همّ في الفؤاد مؤرّق |
|
بلغت به أعلى المعالي بسلّم |
فما بين شرق الأرض والغرب كلّها |
|
مناد ينادي من فصيح وأعجم |
يقول : أمير المؤمنين ظلمتني |
|
لأخذ لدينار ولا أخذ درهم |
ولا بسط كف لامرىء غير مسلم |
|
ولا السفك منه ظالما ملء محجم |
ولو يستطيع المسلمون لقسّموا |
|
لك الشطر من أعمارهم غير ندّم |
فأربح بها من صفقة لمبايع (١) |
|
وأعظم بها واعظم (٢) بها ثم أعظم |
قال : فأقبل عليّ وقال إنك مسئول عما قلت. ثم تقدم الأحوص فاستأذنه في الإنشاد فقال : قل ولا تقل إلا حقا. فأنشده القصيدة التي مطلعها :
وما الشعر إلا حكمة من مؤلّف |
|
لمنطق حق أو لمنطق باطل |
ولا تقبلن إلا الذي وافق الرضا |
|
ولا ترجعنا كالنساء الأرامل |
فلما أتمها قال له إنك مسئول عما قلت. ثم تقدم نصيب فاستأذنه في الإنشاد فلم يأذن له وأمره بالغزو إلى دابق فخرج إليها وهو محموم وأمر لي بثلاثمائة وللأحوص بمثلها ولنصيب بمائة وخمسين. اه.
قلت : ومما يورد له في هذا الباب أنه لما استخلف وفدت إليه الشعراء كما كانت تفد إلى الخلفاء قبله فأقاموا ببابه أياما لا يأذن لهم بالدخول حتى قدم عدي بن أرطاة على عمر بن عبد العزيز وكانت له منه مكانة فقال جرير :
يا أيها الرجل المزجي مطيّته |
|
هذا زمانك إني قد مضى زمني |
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه |
|
أني لدى الباب كالمصفود في قرن |
وحش المكانة من أهلي ومن ولدي |
|
نائي المحلّة عن داري وعن وطني |
قال نعم يا أبا حزرة ونعمى عين. فلما دخل على عمر قال : يا أمير المؤمنين إن الشعراء ببابك وأقوالهم باقية وسنانهم مشهورة. قال : يا عدي مالي وللشعراء. قال : يا أمير
__________________
(١) في الأصل : «لمبائع» خطأ.
(٢) في الديوان والأغاني : «أعظم» بلا واو.