٢١٨ ـ قوله : (إنّ ثمودا) (٦٨) بالتنوين ، ذكر فى المتشابه ، فقلت : ثمود من الثمد ، وهو : الماء القليل ، جعل اسم قبيلة ، فهو منصرف من وجه ، وغير منصرف من وجه (١) ، فصرفوه فى حال النصب ، لأنه أخف أحوال الاسم ، ولم يصرفوه فى حال الرفع ، لأنه أثقل أحوال الاسم ، وجاز الوجهان فى الجر ، لأنه واسطة بين الخفة والثقل.
٢١٩ ـ قوله : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) (١١٧). وفى القصص : (مُهْلِكَ الْقُرى) (٥٩) ، لأن الله تعالى نفى الظلم عن نفسه فأبلغ لفظ يستعمل فى النفى ، لأن هذه اللام لام الجحود ، وتظهر بعدها أن ، ولا يقع بعدها المصدر ، وتختص بكان ، معناه : ما فعلت فيما مضى ، ولا أفعل فى الحال ، ولا أفعل فى المستقبل ، فكان الغاية فى النفى. وما فى القصص لم يكن صريح ظلم (٢) ، فاكتفى بذكر اسم الفاعل ، وهو أحد الأزمنة غير معين ، ثم نفاه.
٢٢٠ ـ قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ) (٣) (مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) (٨١) ، وفى الحجر : (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) (٦٥). استثنى فى هذه السورة من الأهل قوله : (إِلَّا امْرَأَتَكَ) (٨١). ولم يستثن فى الحجر اكتفاء بما قبله ، وهو قوله : (إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ) «٥٨ ـ ٦٠». فهذا الاستثناء الذى تفردت به
__________________
(١) قال سيبويه : ثمود يكون اسما للقبيلة والحى. فمن صرفه ذهب به إلى الحى ، لأنه اسم عربى مذكر سمى بمذكر. ومن لم يصرفه ذهب به إلى القبيلة وهى مؤنثة.
(لسان العرب ٣ / ١٠٥).
(٢) الظلم فى هود صريح ، فإهلاك المصلحين ظلم. أما فى القصص فليس صريحا : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ). وذلك لأن العقل كاف فى استنباط وجود الخالق ، فالإهلاك من الغفلة ليس صريحا فى الظلم.
(٣) بقطع من الليل : بسواد من الليل. (القرطبى ص ٧٩٩).