خصت هذه السورة بقوله : (مِنْ رَبِّهِمْ) (٢) بالإضافة ، لأن الرحمن لم يأت مضافا ، ولموافقته ما بعده ، وهو قوله : (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ) (٤) وخصت الشعراء بقوله : (مِنَ الرَّحْمنِ) (٥) لتكون كل سورة مخصوصة بوصف من أوصافه ، وليس فى أوصاف الله اسم أشبه باسم الله من الرحمن ، لأنهما اسمان ممنوعان أن يسمى بهما غير الله عزوجل ، ولموافقة ما بعده وهو قوله : (لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٩) ، لأن الرحمن الرحيم مصدر واحد.
٣٠٦ ـ قوله : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً) (٧) ، وبعده : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) (٢٥). كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدم ، إلّا أن (مِنْ) إذا دخل دل على الحصر بين الحدين ، وضبطه بذكر الطرفين ، ولم يأت (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) (٧) إلّا هذه ، وخصت الحذف لأن قبلها : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ) (٦) فبناه عليه ، لأنه هو. وأخّر (مِنَ) فى الفرقان : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ) (٢٠) وزاد فى الثانى : (مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) «٢١ : ٢٥ ، ٢٢ : ٥٢» على الأصل للحصر.
٣٠٧ ـ قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ (١) بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (٣٥) ، وفى العنكبوت : (ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (٥٧) ، لأن ثم للتراخى ، والرجوع هو : الرجوع إلى الجنة أو النار ، وذلك فى القيامة ، فخصت سورة العنكبوت به ، وخصت هذه السورة بالواو لما حيل (٢) الكلامين بقوله : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) (٣٥) ، وإنما ذكرا (٣) لتقدم ذكرهما ، فقام مقام التراخى وناب الواو منابه.
__________________
(١) فى ب : (ولنبلونكم) خطأ.
(٢) فى أ : ولما قيل. وفى الأصلين : ولما حيل. فحذفنا الواو ليستقيم الكلام.
(٣) فى أ : ولما ذكر.