«البرهان فى توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان» فأغمض المشتغلون بالنشر عنه عيونهم إذ ظنوه فى المتشابه بمعنى : الموهم ، أو الغامض ، ولم يفطنوا إلى أنه فى المتشابه بمعنى : المتماثل ، وهو مكررات القرآن كما أوضح مؤلفه فى مقدمته.
وقبل أن أعتزم إخراج الكتاب إلى النور راجعت كثيرا من كتب التفسير التى عنيت بالمقارنة والبحث كإرشاد العقل السليم لأبى السعود ، والكشاف للزمخشرى ، والبحر المحيط لأبى حيان ، والدر اللقيط لتلميذه ، وتفسير القرطبى ، وتفسير الخازن ، ومتشابه القرآن للقاضى عبد الجبار ، والعقد الجميل لآغا باشا وغيرها خشية أن يكون الكرمانى قد نقل مسألة من هنا ومسألة من هناك ولفق من نقوله كتابا كما يفعل الكثيرون ، فلم أجد ما يشير إلى هذا الظن من قريب أو من بعيد.
لقد وجدت أن بعض المفسرين كأبى السعود وأبى حيان تعرضوا فى قليل من المواضع للحديث عن المكرر ، ولكنهم عالجوه بمنهج آخر غير الذى لجأ إليه الكرمانى ، وإن كان فى قليل منها تفوق على تعليلات الكرمانى ، وقد أشرت إلى هذه الآراء فى هوامش الكتاب.
وقد تأكد لدى أن الكرمانى مستقل بكتابه ، معول على فكره واستنباطه هو ، صادق فيما قال فى مقدمته من : أن الأئمة قد اقتصروا على تصنيف المكررات ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها ، والفرق بين الآية ومثلها هو المشكل الذى لا يقوم بأعبائه إلّا من وفقه الله لأدائه.
ولا نعلم إلى الآن كتابا مطبوعا عالج هذا الباب من الدراسة القرآنية مستقصيا ومستقلّا ، إلّا كتاب الإسكافى «درة