(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ) ـ كذلك نطبع ـ ... إلى أمثال ذلك».
ولقد بلغت هذه المكررات قمة الإعجاز ، بحيث يمكن اعتبارها من علامات التنبيه على الإعجاز الذى لا يدرك إلّا بعمق الفهم والفقه والتذكر فى كل سورة من سور القرآن ، حتى يدرك الإنسان المستوى الواجب من يقظة العقل والتدبر حين يقرأ القرآن ، إما لاكتشاف آفاق أخرى من آفاق إعجازه التى لا تنتهى ، وأما ما أدركه الأولون واستيعابه ، حتى تؤتى القراءة ثمارها من ذلك الكتاب المبارك المبين ، وتلك هى الأهمية الأخرى للكتاب.
ولقد نبّه الكرمانى على بعض مسائله بأنها براهين لإعجاز القرآن ، ومنها قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) (١) فى سورة الأنعام ، وقوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) فى سورتى الروم (٢) ويونس (٣).
وما ذلك إلّا لأن ما فى الأنعام وقع بين أسماء الفاعلين وهو (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) ـ (فالِقُ الْإِصْباحِ) واسم الفاعل يشبه الاسم من وجه ، فيدخله الألف واللام والتنوين والجر وغير ذلك ، ويشبه الفعل من وجه فيعمل ، ولا يثنى ولا يجمع إذا عمل ولهذا جاز العطف عليه بالفعل نحو قوله : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ) ... (وَأَقْرَضُوا) وبالاسم نحو قوله : (أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ).
فلهذا وقع بينهما (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) بلفظ الفعل و (مُخْرِجُ الْمَيِّتِ) لفظ الاسم عملا بالشبهين ، وأخّر لفظ الاسم لأن الواقع بعده اسمان والمتقدم اسم واحد بخلاف
__________________
(١) سورة الأنعام : ٩٥.
(٢) سورة الروم : ١٩.
(٣) سورة يونس : ٣١.