به فجعله من أنفسهم ليكون موجب المنة أظهر ، وكذلك قوله : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) «٩ : ١٢٨» لما وصفه بقوله : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) جعله من أنفسهم ليكون موجب الإجابة والإيمان أظهر وأبين.
٦٧ ـ قوله : (جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (١٨٤) هاهنا بباء واحدة ، إلا فى قراءة ابن عامر (١) ، وفى فاطر : (بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ) (٢٥) بثلاث باءات ، لأنه فى هذه السورة وقع فى كلام مبنى على الاختصار ، وهو إقامة لفظ الماضى فى الشرط مقام لفظ المستقبل ، ولفظ الماضى أخف ، وبنى الفعل للمجهول فلا يحتاج إلى ذكر الفاعل ، وهو قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) (١٨٤) ، لذلك حذفت الباءات ليوافق الأول فى الاختصار ، بخلاف ما فى فاطر ، فإن الشرط فيه بلفظ المستقبل ، والفاعل مذكور مع الفعل ، وهو قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ) (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٢٥). ثم ذكر بعدها الباءات ليكون كله على نسق واحد.
٦٨ ـ قوله : (ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) (١٩٧) هاهنا ، وفى غيرها : (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) «٩ : ٧٣ ، ٩٥ و ٦٦ : ٩» ، لأن ما قبلها فى هذه السورة : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتاعٌ قَلِيلٌ) «١٩٦ ، ١٩٧» أى : (ذلك) (٢) متاع (فى الدنيا) (٣) قليل ، والقليل يدل على تراخ وإن صغر وقل ، وثم للتراخى فكان طبقا له ـ والله (تعالى) (٤) أعلم ـ.
__________________
(١) انظر : (تفسير القرطبى ٤ / ٢٩٦) ، وقال : بزيادة باء فى الكلمتين (بالزبر والكتاب) ، وهو كذلك فى مصاحف أهل الشام.
(٢) سقطت من ب.
(٣) سقطت من أ.
(٤) سقطت من ب.