(لَكُمْ) فى قوله : (فَاسْتَجابَ لَكُمْ) (٩) فاكتفى بذلك.
وقدم (قُلُوبُكُمْ) هنا ، وأخّر (بِهِ) ازدواجا بين المخاطبين (١) فقال : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) (١٢٦).
وقدم (بِهِ) فى الأنفال ازدواجا بين الغائبين فقال : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ) (١٠).
وحذف (إِنَّ اللهَ) هاهنا ، لأن ما فى الأنفال قصة بدر ، وهى سابقة على ما فى هذه السورة ، فإنها فى قصة أحد ، وأخبر هناك بأن الله عزيز حكيم ، وجعله فى هذه السورة صفة ، لأن الخبر قد سبق.
٦٥ ـ قوله : (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (١٣٦) بزيادة الواو ، لأن الاتصال بما قبلها أكثر من غيرها (٢) ، وتقديره : ونعم أجر العاملين المغفرة والجنات والخلود.
٦٦ ـ قوله : (رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (١٦٤) بزيادة الأنفس ، وفى غيرها (رَسُولاً مِنْكُمْ) «٢ : ١٥١» لأنه سبحانه منّ على المؤمنين
__________________
(١) والمخاطبون فى هذه السورة هم المؤمنون فى قوله تعالى : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) الآية [١٢٤] ، وبعدها : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) [١٢٥].
(٢) مراده بغيرها فى سورة العنكبوت : (خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) [٥٨].
ويمكن توضيح كلام الكرمانى : بأن آية آل عمران : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ، وآية العنكبوت : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ). فآية آل عمران مبنية على تداخل الأخبار ، فأولئك مبتدأ ، وجزاؤهم مبتدأ ثان ، ومغفرة خبر المبتدأ الثانى ، والثانى وخبره خبر الأول والجزاء هو الأجر فكأنه قال : أولئك أجزيهم على أعمالهم : محو ذنوبهم وجنة عدن ودوام نعيمهم ، والخبر إذا جاء بعد خبر فى مثل هذا المكان الذى تفصل فيه المواهب المرغب فيها فحقه أن يعطف على ما قبله بالواو ، فصار المعنى جزاؤهم : ترك المؤاخذة بالذنب ، ودخول الجنة ، والخلود فيها ، وذلك تشريف وكرامة للعاملين.
أما فى العنكبوت فالكلام فيها مدرج على جملة واحدة هى تبوئة المؤمنين غرفا فى الجنة ، وهى جملة ابتداء وخبر لم يعطف عليها بالواو ، لأن الجملة فى موضع خبر المبتدأ ، كأنه قال : ذلك نعم أجر العاملين ، وتجرى مجرى ما هو من تمام الكلام كقوله تعالى : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).