وجعلت الغنى بين عينيه ، واتجرت له من وراء كل تاجر. وعزتي وجلالي ، ما من عبد آثر هواه على هواي إلا كثرت همومه ، وفرقت عليه ضيعته ، ونزعت الغنى من قلبه ، وجعلت الفقر بين عينيه ، ثم لا أبالي في أي واد هلك» (١).
قوله تعالى : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [٩] قال : أي ومن يوق حرص نفسه وبخلها على شيء هو غير الله وغير ذكره ، فأولئك هم الباقون مع الله حياة طيبة بحياة طيبة.
قوله تعالى : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [١٤] قال : أهل الحق مجتمعون ، وأهل الباطل متفرقون أبدا ، وإن اجتمعوا في أبدانهم وتوافقوا في الظاهر ، فإن الله تعالى يقول في كتابه العزيز : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [١٤].
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) [١٨] قال : يسأل الله تعالى العبد عن حق نفسه ، وحق العلم الذي بينه وبين ربه ، وحق العقل ، فمن كان له فليؤدّ حق نفسه وحق العلم الذي بينه وبين ربه بحسن النظر لنفسه في عاقبة أمره.
وحكي عن الحسن أنه قال : إذا مات ابن آدم قالت بنو آدم : ما ترك ، وقالت الملائكة : ما قدم؟.
قوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ) [١٩] عند الذنوب (فَأَنْساهُمْ) [١٩] الله الاعتذار وطلب التوبة.
قال : ما من عبد أذنب ذنبا ولم يتب إلا جره ذلك الذنب إلى ذنب آخر وأنساه الذنب الأول ، وما من عبد عمل حسنة إلا جرته تلك الحسنة إلى حسنة أخرى ، وبصره عقله تقصيره في الحسنة الأولى ، لكي يتوب من تقصيره في حسناته الماضية ، وإن كانت خالية صحيحة.
قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) [٢٢] قال : الغيب السر ، والشهادة العلانية.
وقال تعالى أيضا : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) [٢٢] عالم بالدنيا والآخرة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) نوادر الأصول ٤ / ٢٥ ـ ٢٦ ؛ وصفوة الصفوة ٢ / ٢٢٠ ؛ والحلية ٨ / ١٤٧.