عليها سلام الله ما هبّت الصّبا |
|
وما لاح وهنا في دجى اللّيل كوكب |
فلست بمبتاع وصالا بوصلها |
|
ولست بمفش سرّها حين أغضب |
وقال :
يقولون لبني فتنة ، كنت قبلها |
|
بخير فلا تندم عليها وطلّق |
فطاوعت أعدائي وعاصيت ناصحيّ |
|
وأقررت عين الشامت المتخلّق (١) |
وددت وبيت الله أنّي عصيتهم |
|
وحملت في رضوانها كلّ موبق (٢). |
وكلّفت خوض البحر والبحر زاخر |
|
أبيت على أثباج موج مغرّق |
كأنّي أرى النّاس المحبّين بعدها |
|
عصارة ماء الحنظل المتفلّق |
فتنكر عيني بعدها كلّ منظر |
|
ويكره سمعي بعدها كلّ منطق (٣) |
فقال معاوية : هذا وأبيك الحبّ ، وأذن له في زيارتها ، فسار حتى نزل على امرأة بالمدينة يقال لها بريكة ، وأهدى لها وللبنى هدايا وألطافا ، وأخبرها بكتاب معاوية ، فقالت : يا بن عمّ ما تريد إلى الشهرة ، فأقام أياما ، فبلغ زوج لبني قدومه ، فمنع لبني بريكة ، وأيس قيس من لقائها ، فبقي متردّدا في كتاب معاوية ، فرآه ابن أبي عتيق يوما ، فقال : يا أعرابيّ ما لي أراك متحيّرا؟ قال : دعني بارك الله فيك ، قال : أخبرني بشأنك ، فإنّي على ما تريد ، وألحّ عليه ، فأخبره وقال : لا أراني إلّا في طلب مثلك ، وانطلق به ، فأقام عنده ليلة يحدّثه وينشده ، فلما أصبح ابن أبي عتيق ركب فأتى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقال : فداك أبي وأمّي ، اركب معي في حاجة ، فركب معه ، واستنهض ثلاثة أو أربعة من وجوه قريش ، ولا يدرون ما يريد ، حتى أتى بهم باب زوج لبني ، فخرج فإذا وجوه قريش ، فقال : جعلني الله فداكم ، ما جاء بكم؟ قالوا : حاجة لابن أبي عتيق استعان بنا عليك ، فقال : اشهدوا أنّ حكمه جائز عليّ ، فقال ابن أبي عتيق : اشهدوا أنّ امرأته لبني منه طالق ، فأخذ عبد الله بن جعفر برأسه ثم قال : لهذا جئت بنا! فقال : جعلت فداكم ، يطلّق هذا امرأته ويتزوّج
__________________
(١) المتخلّق : الّذي يتكلّف ما ليس في خلقه.
(٢) في طبعة القدسي ٦٢ «موثق».
(٣) الأبيات في : الأغاني ٩ / ١٨٥.