برأسه إلى مصعب ، فأعطاهما ثلاثين ألفا ، وقتل بين الطائفتين سبعمائة.
ويقال : كان المختار في عشرين ألفا ، فقتل أكثرهم ، والله أعلم.
وقتل مصعب خلقا بدار الإمارة غدرا بعد أن أمّنهم ، وقتل عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاريّ امرأة المختار صبرا ، لأنها شهدت في المختار أنه عبد صالح (١).
وبلغنا من وجه آخر أنّ طائفة من أهل الكوفة لما بلغهم مجيء مصعب تسرّبوا إليه إلى البصرة ، منهم شبث بن ربعي ، وتحته بغلة قد قطع ذنبها وأذنها ، وشقّ قباءه ، وهو ينادي : يا غوثاه ، وجاء أشراف أهل الكوفة وأخبروا مصعبا بما جرى ، وبوثوب عبيدهم وغلمانهم عليهم مع المختار ، ثم قدم عليهم محمد بن الأشعث ، ولم يكن شهد وقعة الكوفة ، بل كان في قصر له بقرب القادسية ، فأكرمه مصعب وأدناه لشرفه ، ثم كتب إلى المهلّب بن أبي صفرة ـ وكان عامل فارس ـ ليقدم ، فتوانى عنه ، فبعث مصعب خلفه محمد ابن الأشعث ، فقال له المهلّب : مثلك يأتي بريدا؟ قال : إنّي والله ما أنا بريد أحد ، غير أنّ نساءنا وأبناءنا غلبنا عليهم عبداؤنا (٢) وموالينا ، فأقبل المهلّب بجيوش وأموال عظيمة ، وهيئة ليس بها أحد من أهل البصرة. ولما انهزم جيش المختار انهدّ لذلك ، وقال لنجيّ له : ما من الموت بدّ ، وحبّذا مصارع الكرام ، ثم حصر القصر ، ودام الحصار أيّاما ، ثم في أواخر الأمر كان المختار يخرج فيقاتل هو وأصحابه قتالا ضعيفا ، ثم جهدوا وقلّ عليهم القوت والماء ، وكان نساؤهم يجئن بالشيء اليسير خفية ، فضايقهم جيش مصعب ، وفتّشوا النساء ، فقال المختار : ويحكم انزلوا بنا نقاتل حتى نقتل كراما ، وما أنا بآيس إن صدقتموهم أن تنصروا ، فضعفوا ، فقال : أما أنا فلا والله لا أعطي بيدي ، فأمّلس عبد الله بن جعدة بن هبيرة المخزوميّ فاختبأ ، وأرسل المختار إلى امرأته بنت سمرة بن جندب ، فأرسلت إليه بطيب كثير ، ثم اغتسل وتحنّط وتطيّب ، ثم خرج حوله تسعة عشر رجلا ، فيهم السائب بن مالك الأشعريّ
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ١١٢.
(٢) عند الطبري ٦ / ٩٤ : «عبداننا».