الجيش ، فإذا لقيت القوم فاحذر أن تمكّنهم من أذنيك ، لا يكون إلا الوقاف ثم الثقاف ثم الانصراف (١).
وقال الواقدي : ثنا عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون قال : جاء نعي يزيد ليلا ، وكان أهل الشام يردّون ابن الزبير ، قال ابن عون : فقمت في مشربة لنا في دار مخرمة بن نوفل ، فصحت بأعلى صوتي : يا أهل الشام ، يا أهل النفاق والشؤم ، قد والله الّذي لا إله إلا هو مات يزيد ، فصاحوا وسبّوا وانكسروا ، فلما أصبحنا جاء شابّ فاستأمن ، فأمّنّاه ، فجاء ابن الزبير ، وعبد الله بن صفوان ، وأشياخ جلوس في الحجر ، والمسور يموت في البيت ، فقال الشابّ : إنكم معشر قريش ، إنما هذا الأمر أمركم ، والسلطان لكم ، وإنما خرجنا في طاعة رجل منكم ، وقد هلك ، فإن رأيتم أن تأذنوا لنا فنطوف بالبيت وننصرف إلى بلادنا ، حتى يجتمعوا على رجل. فقال ابن الزبير : لا ، ولا كرامة ، فقال ابن صفوان : لم! بلى نفعل ذلك ، فدخلا على المسور فقال : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) الآية (٢) ، قد خرّبوا بيت الله ، وأخافوا عوّاده ، فأخفهم كما أخافوا عوّاده ، فتراجعوا ، وغلب المسور ومات من يومه.
قلت : وكان له خمسة أيام قد أصابه من حجر المنجنيق شقّه في خدّه فهشم خدّه.
وروى الواقدي ، عن جماعة ، أنّ ابن الزبير دعاهم إلى نفسه ، فبايعوه ، وأبى عليه ابن عباس وابن الحنفية وقالا : حتى تجتمع لك البلاد وما عندنا خلاف ، فكاشرهما ثم غلظ عليهما سنة ست وستين.
وقال غيره : لما بلغ ابن الزبير موت يزيد بايعوه بالخلافة ، لما خطبهم ودعاهم إلى نفسه ، وكان قبل ذلك إنما يدعو إلى الشورى ، فبايعوه في رجب. (٣)
__________________
(١) تاريخ خليفة ٢٥٤ ، ٢٥٥.
(٢) سورة آل عمران / ١١٤.
(٣) تاريخ خليفة ٢٥٧ و ٢٥٨.