واحدا شبرا من ذباب السيف أو نحوه ، وهو يقول : (خذها وأنا ابن الحواريّ) (١).
فلما كان يوم الثلاثاء قام بين الركن والمقام فقاتلهم أشدّ القتال ، وجعل الحجّاج يصيح بأصحابه : يا أهل الشام ، يا أهل الشام ، الله الله في الطاعة ، فيشدّون الشدّة الواحدة حتى يقال : قد اشتملوا عليه ، فيشدّ عليهم حتى يفرّجهم ويبلغ بهم باب بني شيبة ثم يكرّ ويكرّون عليه ، وليس معه أعوان ، فعل ذلك مرارا حتى جاءه حجر عائر (٢) من ورائه فأصابه في قفاه فوقذه (٣) فارتعش ساعة ، ثم وقع لوجهه ، ثم انتهض فلم يقدر على القيام ، وابتدره الناس ، وشدّ عليه رجل من أهل الشام فضرب الرجل فقطع رجليه وهو متّكئ على مرفقه الأيسر ، وجعل يضربه وما يقدر أن ينهض حتى كثّروه ، فصاحت امرأة من الدّار : «وا أمير المؤمنيناه) قال : وابتدروه فقتلوه رحمهالله (٤).
وقال الواقدي : حدّثني إسحاق بن يحيى ، عن يوسف بن ماهك قال : رأيت المنجنيق يرمى به ، فرعدت السماء وبرقت ، واشتدّ الرعد ، فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا ، فجاء الحجّاج ورفع الحجر بيده ورمى معهم ، ثم إنّهم جاءتهم صاعقة تتبعها أخرى ، فقتلت من أصحابه اثني عشر رجلا ، فانكسر أهل الشام ، فقال الحجّاج : لا تنكروا هذه فهذه صواعق تهامة ، ثم جاءت صاعقة فأصابت عدّة من أصحاب ابن الزبير من الغد (٥).
وقال الواقدي حدّثني إسحاق بن عبد الله ، عن المنذر بن الجهم قال : رأيت ابن الزّبير يوم قتل وقد خذله من معه خذلانا شديدا ، وجعلوا يخرجون
__________________
(١) انظر : أنساب الأشراف ٥ / ٣٦٤.
(٢) مصحّفة في النسخ ، والتحرير من : أساس البلاغة.
(٣) في الأصل وبقيّة النسخ «وقده» بالدال المهملة.
(٤) أنساب الأشراف ٥ / ٣٦٥.
(٥) الخبر في تاريخ الطبري ٦ / ١٨٧ ، والكامل في التاريخ ٤ / ٣٥١ ، وهو باختصار في تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٦٦.