وشيّعه المختار إلى دير ابن أم الحكم ، واستقبل إبراهيم أصحاب المختار قد حملوا الكرسي الّذي قال لهم المختار : هذا فيه سرّ ، وإنه آية لكم كما كان التابوت آية لبني إسرائيل ، قال : وهم يدعون حول الكرسي ويحفّون به ، فغضب ابن الأشتر وقال : اللهمّ لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا ، سنّة بني إسرائيل إذ عكفوا على العجل (١).
* * *
فائدة
وافتعل المختار كتابا عن ابن الحنفيّة يأمره فيه بنصر الشيعة ، فذهب بعض الأشراف إلى ابن الحنفيّة فقال : وددت أنّ الله انتصر لنا بمن شاء ، فوثب إبراهيم بن الأشتر ، وكان بعيد الصوت ، كثير العشيرة ، فخرج وقتل إياس بن مضارب أمير الشرطة ، ودخل على المختار ، فأخبره ، ففرح ونادى أصحابه في الليل بشعارهم ، واجتمعوا بعسكر المختار بدير هند ، وخرج أبو عثمان النهدي فنادى : يا ثارات الحسين ، ألا إنّ أمير آل محمد قد خرج (٢).
ثم التقى الفريقان من الغد ، فاستظهر المختار ، ثم اختفى ابن مطيع ، وأخذ المختار يعدل ويحسن السيرة ، وبعث في السرّ إلى ابن مطيع بمائة ألف ، وكان صديقه قبل ذلك ، وقال : تجهّز بهذه واخرج ، فقد شعرت أين أنت ، ووجد المختار في بيت المال سبعة آلاف (٣) ، فأنفق في جنده قوّاهم.
قال ابن المبارك ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة : حدّثني معبد بن خالد ، حدّثني طفيل بن جعدة بن هبيرة قال : كان لجار لي زيّات ، كرسيّ ، وكنت قد احتجت ، فقلت للمختار : إني كنت أكتمك شيئا ، وقد بدا لي أن أذكره. قال : وما هو؟ قلت : كرسيّ كان أبي يجلس عليه ، كان يرى أن فيه أثرةً من علمٍ ، قال : سبحان الله! أخّرته إلى اليوم ، قال : وكان ركبه وسخ
__________________
(١) الخبر في تاريخ الطبري مطوّلا ٦ / ٧ وما بعدها ، وتاريخ خليفة ٢٦٣.
(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٢ ، ٢٣.
(٣) عند الطبري ٦ / ٣٣ «تسعة آلاف». وانظر : الأخبار الطوال ٢٩١ ، ٢٩٢.