إلى أرض العراق ، فخرج أبو عبيد إليها فقتل ، وبقي المختار بالمدينة ، وكان غلاما يعرف بالانقطاع إلى بني هاشم ، ثم خرج في آخر خلافة معاوية إلى البصرة ، فأقام بها يظهر ذكر الحسين ، فأخبر بذلك عبيد الله بن زياد ، فأخذه وجلده مائة ، وبعث به إلى الطائف ، فلم يزل بها حتى قام ابن الزبير ، فقدم عليه.
وقال الطبري في تاريخه (١) : كانت الشيعة تكره المختار ، لما كان منه في أمر الحسن بن علي يوم طعن ، ولما قدم مسلم بن عقيل الكوفة بين يدي الحسين نزل دار المختار ، فبايعه وناصحه ، فخرج ابن عقيل يوم خرج والمختار في قرية له ، فجاءه خبر ابن عقيل أنه ظهر بالكوفة ، ولم يكن خروجه على ميعاد من أصحابه ، إنما خرج لما بلغه أنّ هانئ بن عروة قد ضرب وحبس ، فأقبل المختار في مواليه وقت المغرب ، فلما رأى الوهن نزل تحت راية عبيد الله بن زياد فقال : إنما جئت لتنصر مسلم بن عقيل ، قال : كلا ، فلم يقبل منه ، وضربه بقضيب شتر عينيه ، وسجنه.
ثم إنّ عبد الله بن عمر كتب فيه إلى يزيد ، لما بكت صفية أخت المختار على زوجها ابن عمر ، فكتب : إنّ ابن زياد حبس المختار ، وهو صهري ، وأنا أحبّ أن يعافى ويصلح ، قال : فكتب يزيد إلى عبيد الله فأخرجه ، وقال : إن أقمت بالكوفة بعد ثلاث برئت منك الذمّة ، فأتى الحجاز ، واجتمع بابن الزبير ، فحضّه على أن يبايع الناس ، فلم يسمع منه ، فغاب عنه بالطائف نحو سنة ، ثم قدم عليه فرحّب به ، وتحادثا ، ثم إنّ المختار خطب وقال : إني جئت لأبايعك على أن لا تقضي الأمور دوني ، وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك ، فقال ابن الزبير : أبايعك على كتاب الله وسنّة نبيّه ، فبايعه ابن الزبير على ما طلب ، وشهد معه حصار حصين بن نمير له ، وأبلى بلاء حسنا ، وأنكى في عسكر الشام (٢).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٥٦٩.
(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٥٦٩ ـ ٥٧٦.