ولا بأحد من أهل العراق ، ما وجدنا لهم وفاء ، انطلق يا بنيّ إلى عمّك فأخبره بما صنع أهل العراق ، ودعني. فإنّي مقتول ، فقال : والله لا أخبر نساء قريش بصرعتك أبدا ، قال : فإن أردت أن تقاتل فتقدّم حتى أحتسبك ، فقاتل حتّى قتل ، وتقدّم إبراهيم بن الأشتر فقاتل قتالا شديدا حتى أخذته الرماح فقتل ، ومصعب جالس على سرير ، فأقبل إليه نفر ليقتلوه ، فقاتل أشدّ القتال حتى قتل ، واحتزّ ابن ظبيان رأسه.
وبايع أهل العراق لعبد الملك ودخلها ، واستخلف على الكوفة أخاه بشر بن مروان.
قيل : إنّ ابن الزبير لما بلغه مقتل أخيه مصعب قام فقال : الحمد لله الّذي خلق الخلق (١) ، ثم ذكر مصرع أخيه فقال : ألا إنّ أهل العراق أهل الغدر والنّفاق أسلموه وباعوه ، والله ما نموت على مضاجعنا كما يموت بنو أبي العاص ، فما قتل منهم رجل في زحف ولا نموت إلّا قعصا (٢) بالرماح ، وتحت ظلال السيوف (٣).
* * *
وفيها خرج أبو فديك فغلب على البحرين (٤).
وقيل هو الّذي قتل نجدة الحروريّ ، فسار إليه جيش من البصرة ، عليهم أميّة بن عبد الله بن خالد الأموي أخو أميرها خالد ، فهزمه أبو فديك (٥) ، فكتب عبد الملك بن مروان إلى خالد يعنّفه لكونه استعمل أميّة على حرب الخوارج ، ولم يستعمل المهلّب ، وأمره أن ينهض إليهم بنفسه ، ويستعين برأي المهلّب ، ولا يعمل أمرا دونه. وكتب إلى بشر بن مروان يمدّه بخمسة
__________________
(١) في الكامل في التاريخ ٤ / ٣٣٥ «الحمد لله الّذي له الخلق والأمر».
(٢) في الأصل «قصعا» ، والتصحيح من الطبري والكامل في التاريخ.
(٣) الطبري ٦ / ١٦٦ ، الكامل ٤ / ٣٣٥ ، عيون الأخبار ٢ / ٢٤٠ ، العقد الفريد ٢ / ١٨٣ ، مروج الذهب ٣ / ١١٩.
(٤) تاريخ الطبري ٦ / ١٧٤.
(٥) الطبري ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٧٣.