وفيها سار مروان بجيوشه إلى مصر ، وقد كان كاتبه كريب بن أبرهة ، وعابس بن سعيد قاضي مصر ، فحاصر جيشه والي مصر لابن الزبير ، فخندق على البلد ، وخرج أهل مصر ، وهو اليوم الّذي يسمّونه يوم التراويح ، لأنّ أهل مصر كانوا ينتابون القتال ويستريحون ، واستحرّ القتل في المعافر ، فقتل منهم خلق ، وقتل يومئذ عبد الله بن يزيد بن معديكرب الكلاعي ، أحد الأشراف ، ثم صالحوا مروان ، فكتب لهم كتابا بيده ، وتفرّق الناس ، وأخذوا في دفن قتلاهم وفي البكاء ، ثم تجهّز إلى مصر عبد الرحمن بن جحدم ، وأسرع إلى ابن الزبير ، وضرب مروان عنق ثمانين رجلا تخلّفوا عن مبايعته. وضرب عنق الأكيدر (١) بن حمام اللخميّ سيّد لخم وشيخها في هذه الأيام ، وكان من قتلة عثمان رضياللهعنه ، وذلك في نصف جمادى الآخرة ، يوم مات عبد الله بن عمرو رضياللهعنهما. وما قدروا يخرجون بجنازة عبد الله ، فدفنوه بداره.
واستولى مروان على مصر ، وأقام بها شهرين ، ثم استعمل عليها ابنه عبد العزيز ، وترك عنده أخاه بشر بن مروان ، وموسى بن نصير وزيرا ، وأوصاه بالمبايعة في الإحسان إلى الأكابر ، ورجع إلى الشام (٢).
* * *
وفيها وفد الزّهري على مروان ، قال عنبسة بن سعيد ، عن يونس ، عن الزهري : وفدت على مروان وأنا محتلم.
قلت : وهذا بعيد ، وإنما المعروف وفادته أول شيء على عبد الملك في أواخر إمارته (٣).
* * *
__________________
(١) في كتاب : الولاة والقضاة ـ ص ٤٣ «أكدر».
(٢) انظر كتاب : الولاة والقضاة ٤١ وما بعدها.
(٣) كان ذلك في سنة ٨٢ ه. كما روى ابن عساكر في ترجمة الزهري التي نشرها : شكر الله بن نعمة الله القوجاني ، وذلك من طريق : محمد بن الحسين ، عن عبد الله ، عن يعقوب ، عن ابن بكير ، عن الليث. ـ ص ١٢.