خليفته على الكوفة ، فقال السائب : ما ترى؟ قال : أنا أرى أم الله يرى! قال : بل الله يرى ، ويحك أحمق أنت ، إنما أنا رجل من العرب ، رأيت ابن الزبير انتزى على الحجاز ، ورأيت نجدة انتزى على اليمامة ، ورأيت مروان انتزى على الشام ، فلم أكن بدونهم ، فأخذت هذه البلاد ، فكنت كأحدهم ، إلا أني طلبت بثأر أهل البيت ، فقاتل على حسبك إن لم يكن لك نيّة ، قال : إنّا لله ، وما كنت أصنع بحسبي! وقال لهم المختار : أتؤمّنوني؟ قالوا : لا ، إلا على الحكم ، قال : لا أحكّمكم (١) في نفسي ، ثم قاتل حتى قتل ، ثم أمكن أهل القصر من أنفسهم ، فبعث إليه مصعب : عبّاد بن الحصين ، فكان يخرجهم مكتّفين ، ثم قتل سائرهم. فقيل : إنّ رجلا منهم قال لمصعب : الحمد لله الّذي ابتلانا بالإسار ، وابتلاك أن تعفو عنا ، فهما منزلتان إحداهما رضا الله والثانية سخطه ، من عفا عفا الله عنه ، ومن عاقب لم يأمن القصاص ، يا ابن الزبير نحن أهل قبلتكم وعلى ملّتكم ، لسنا تركا ولا ديلما ، فإن خالفنا إخواننا من أهل المصر (٢) ، فإما أن نكون (٣) أصبنا وأخطأوا ، وإما أن نكون أخطأنا وأصابوا. فاقتتلنا كما اقتتل أهل الشام بينهم ، ثم اصطلحوا واجتمعوا ، وقد ملكتم فاسجحوا ، وقد قدرتم فاعفوا ، فرّق لهم مصعب ، وأراد أن يخلّي سبيلهم ، فقام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، فقال : تخلّي سبيلهم! اخترنا واخترهم ، ووثب محمد بن عبد الرحمن الهمدانيّ فقال : قتل أبي وخمسمائة من همدان وأشراف العشيرة ثم تخلّهم ، ووثب كل أهل بيت ، فأمر بقتلهم ، فنادوا : لا تقتلنا واجعلنا مقدّمتك إلى أهل الشام غدا ، فو الله ما بك عنّا غناء ، فإن ظفرنا فلكم ، وإن قتلنا لم نقتل حتى نرقّهم لكم ، فأبى ، فقال مسافر بن سعيد : ما تقول لله غدا إذا قدمت عليه ، وقد قتلت أمّة من المسلمين صبرا ، حكّموك في دمائهم (٤) ، فكان الحقّ في دمائهم أن لا تقتل
__________________
(١) في الأصل «أحكم» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير ٦ / ١٠٧.
(٢) عند الطبري «مصرنا» (٦ / ١٠٩).
(٣) من هنا إلى «نكون» ساقط من الأصل ، فاستدركته من تاريخ الطبري ٦ / ١٠٩.
(٤) من هنا إلى «دمائهم» ساقط في الأصل ، فاستدركته من تاريخ الطبري ٦ / ١١٠.