الزي المنافي للشريعة ، وباطنهم شر من ظاهرهم إلا من رجع إلى الله تعالى منهم ، وكان عند هذا الحريري من الاستهزاء بأمور الشريعة والتهاون بها من اظهار شعار أهل الفسوق والعصيان شيء كثير ، وانفسد بسببه جماعة كثيرة من أولاد كبراء الدماشقة وصاروا على زي أصحابه ، وتبعوه بسبب انه كان خلع العذار ، يجمع مجلسه الغناء الدائم والرقص والمردان ، وترك الإنكار على ذلك فيما يفعله وترك الصلوات ، وكثرة النفقات وأضل خلقا كثيرا ، وأفسد جمعا غفيرا ، ولقد أفتى في قتله مرارا جماعة من علماء الشريعة ، ثم أراح الله تعالى منه ، هذا لفظه بحروفه انتهى كلام ابن كثير. وقال الصفدي رحمهالله تعالى في المحمدين من كتابه الوافي : محمد بن علي هو ابن الشيخ علي الحريري ، رجل صالح ، دين ، خير ، ومن محاسنه أنه كان ينكر على أصحاب والده ، ويأمرهم باتباع الشريعة ، ولما مات أبوه طلبوا منه الجلوس في المشيخة فطلب منهم شروطا لم يقدر أصحابه على اشتراطها ، فتركهم وانعزل عنهم ، توفي رحمهالله تعالى بدمشق في سنة إحدى وخمسين وستمائة ودفن عند الشيخ رسلان ، عاش سبعا وأربعين سنة والله أعلم انتهى.
٢١٠ ـ الزاوية الحريرية الأعقفية
بالمزة ، قال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة : الشيخ احمد الأعقف الحريري شهاب الدين بن حامد بن سعيد التنوخي الحريري ، ولد سنة أربع وأربعين وستمائة ، واشتغل في صباه على الشيخ تاج الدين الفزاري في التنبيه ثم صحب الحريرية وخدمهم ، ولزم مصاحبة الشيخ نجم الدين ابن إسرائيل (١) ، وسمع الحديث ، وحج غير مرة ، وكان مليح الشكل ، كثير التودد إلى الناس ، حسن الأخلاق ، توفي يوم الأحد ثالث عشرين شهر رمضان بزاويته بالمزة ، ودفن رحمهالله تعالى بمقبرة المزة ، وكانت جنازته حافلة مشهودة انتهى.
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٣٥٩.