البحر ، وحكى عن نفسه أن أول سفرة سافرها كسب فيها مائة الف دينار وثمانمائة الف درهم ، وانفتحت الدنيا عليه ، وعمر أملاكا كثيرة ، وأنشأ على درب الشام الى مصر خانات عظيمة بالقنيطرة وجسر يعقوب والمنية وعيون التجار ، أنفق على عمارتها ما يزيد على مائة الف دينار ، وكل هذه الخانات فيها الماء ، وجاءت في غاية الحسن ، ولم يسبقه أحد من الملوك والخلفاء لمثل ذلك ، وهو صاحب المآثر الحسنة بدرب الحجاز ، ووقف على سكان الحرمين الشريفين الأوقاف الكثيرة الحسنة ، وعين للحجرة الشريفة النبوية على الحالّ بها أفضل الصلاة وأتم السلام الشمع والزيت في كل عام ، وكان رحمهالله تعالى رجلا من رجال الدهر ، حسن الكلام ، له جرأة واقدام ، وجرى له أمور ومخاصمات مع جماعات من الحكام ، واسمه مشهور في الممالك كلها ، يكاتب ملوك الاطراف ويقضون حوائجه ويهاديهم ، وكلمته نافذة عندهم ، وكذلك العربان كانوا يراعونه ويحفظون متاجره ، وكان مكتئبا حريصا على جمع المال ، وكان يحب الدنيا غارقا في بحارها ، لا يبالي من أي وجهة يحصل الدنيا ، كذا قاله الأسدي. ثم قال الأسدي : وقد عمر خانات ضروريات ، وله في غير دمشق أوقاف وقراء ، وكان قد ضعف بصره قبل أن يموت بسنتين ، ثم تزايد ذلك إلى أن قارب العمى ، وهو متمتع ببقية حواسه ، وكان بخيلا على نفسه غير مترف ، توفي ليلة الأحد تاسع عشريه ، وصلي عليه بالجامع الاموي ، وحضر النائب الصلاة عليه وخلق كثير ، ودفن بتربته المذكورة يعني في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة في جمادى الآخرة منها ، وأوصى بثلث ماله في أنواع من القربة ، وكان قد وقف أملاكه قبل ذلك ، وجعل النظر في ذلك لحاجب الحجاب وخطيب الجامع الاموي والقاضي نظام الدين الحنفي واحد من أولاده أظنه قال أرشدهم انتهى. وترك ولدين وهما الخواجا بدر الدين حسن والخواجا شهاب الدين أحمد وبنات ، ثم سافر ولده هذا الى مصر لأجل تركته انتهى والله تعالى أعلم بالصواب.
٣٠٤ ـ التربة الملكية الاشرفية
قال ابن شداد : ولما ملكها يعني دمشق الملك الأشرف موسى إلى أن قال :