ولما توفي عمل له تربة شمالي الكلاسة لها شبابيك الى الطريق والى الكلاسة ودفن بها ، ورتب فيها قراء انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين وستمائة : ونقل الأشرف الى تربة شمالي الكلاسة من قلعة دمشق بعد دفنه بها انتهى. وهو الأشرف موسى ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب ، ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة ، ونشأ بالقدس الشريف في كفالة الأمير فخر الدين عثمان الزنجاري ، وكان أبوه يحبه وكذلك أخوه المعظم ، ثم استنابه أبوه على مدن كثيرة بالجزيرة منها : الرها وحران ، ثم اتسعت مملكته حتى ملك خلاط ، وكان من أعف الناس وأحسنهم سيرة وسريرة ، لا يعرف غير نسائه وجواريه ، مع أنه كان يعاني الشراب ، وهذا من اعجب الامور ، وحكى عنه في ذلك حكاية عجيبة لا نطيل بذكرها. ولما ملك دمشق في سنة ست وعشرين وستمائة نادى مناد بها أن لا يشتغل أحد من الفقهاء بشيء من العلوم سوى الحديث والتفسير والفقه ، ومن اشتغل بالمنطق وعلم الاوائل نفي من البلد ، وبنى للشافعية دار الحديث التي كانت دار الأمير قايماز وحمامه بها ، المجاورة لقلعة دمشق في سنة ثلاثين وستمائة ، وخرب خان الأمير فخر الدين الزنجاري الذي كان بالعقيبة في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة لما فيه من الخواطيء والمنكرات ، وأمر بعمارته جامعا ، وسمي جامع التوبة ، وبنى مسجد القصب ومسجد دار السعادة وجامع الجراح ، وأوقف عليها الزعيزعية بالمرج ، وسبل المقبرة غربي خانقاه عمر شاه بالقنوات ، وبنى بالسفح لمقادسة الصالحية دار حديث أخرى. وكان له ميل الى الحديث وأهله ، وجدد مسجد أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه بالقلعة وزخرفه ، وفيه كان أكثر جلوسه ، وجعل في دار الحديث الشافعية نعل النبي صلىاللهعليهوسلم التي أوصى بها نظام ابن أبي الحديد التاجر له بعد موته ، وكان ضنينا بها ، ونقل اليها أيضا كتبه النفيسة ، وقد استدعى من بغداد الزبيدي ، حتى سمع هو والناس عليه صحيح البخاري وغيره ، وكان له ميل الى الحديث وأهله وكانت القلعة لا تغلق في ليالي رمضان كلها ، وصحون الحلاوات خارجة منها الى الجوامع والخوانق والربط والصالحية الى الصالحين والفقراء والرؤساء وغيرهم ، وكان شهما شجاعا كريما جوادا ،