وكانت البلدية في غاية من الأمن والعدل ، وله في ذلك حكاية في ولد مملوكه ، وابتدأ في مرض الموت في شهر رجب سنة خمس وثلاثين ، واختلفت عليه الادواء حتى كان الجرائحي يخرج العظام من رأسه ، وهو مع ذلك يسبح الله عزوجل ، وتزايد به المرض آخر السنة واعتراه اسهال مفرط ، فخارت قوته ، فشرع يتهيأ للقاء الله تعالى ، وأعتق مائتي غلام وجارية ، ووقف دار فروخ شاه التي يقال لها دار السعادة ، وبستانه الذي بالنيرب على ابنته ، وتصدق بأموال جزيلة ، واحضر له كفنا كان قد اعده له من ملابس الفقراء والمشايخ الذين لقيهم من الصالحين ، وتوفي في قلعة دمشق في يوم الخميس رابع المحرم سنة خمس وثلاثين ، ودفن بالقلعة المذكورة حتى نجزت تربته التي بنيت له شمالي الكلاسة ، ثم حول ونقل إليها رحمهالله تعالى في جمادى الأولى ، ورآه بعضهم في المنام وعليه ثياب خضر وهو يطير مع جماعة من الصالحين ، فقال له : ما هذا وقد كنت تعاني الشراب في الدنيا؟ فقال : ذلك البدن الذي كنا نفعل به ذاك عندكم في الدنيا ، وهذه الروح التي كنا نحب بها هؤلاء فحشرنا معهم رحمهمالله تعالى ، وقد صدق ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : المرء مع من أحب ، وكان قد أوصى بالملك لأخيه الصالح اسماعيل ، وركب بعده في ابهة الملك ، ثم صالح بها لاخيه الملك الكامل في آخر جمادى الاولى منها. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة : وفيها عمل جامع العقيبة ، بناه الملك الأشرف موسى ، وكان قبل ذلك خانا للفواحش والخمر ، ولهذا قيل له جامع التوبة انتهى ، وقال فيه في سنة خمس وثلاثين وستمائة : وفيها مات الاخوان السلطان الملك الأشرف مظفر الدين موسى في اول السنة ، وتملك البلاد الملك الكامل فمات في القلعة بعد سنة أشهر ، وكان مولدهما بالقاهرة في عام واحد أيضا ، وهو سنة ست وسبعين وخمسمائة فأما الأشرف فأعطاه أبوه الرها وحران فأقام هناك مدة ، وتملك خلاط وهي قصبة أرمينية ، ثم تملك دمشق بعد تسع سنين ، فعدل وأحسن للرعية ، وكان على لعبه ولهوه فيه خوف من الله تعالى ، وكرم مفرط ، وتذلل للصالحين ، وشجاعة وشدة بأس ، وكان مليح الشكل ، حلو الشمائل ، حضر عدة حروب ولم تهزم له راية ، تمرض